كتاب المقتضب (اسم الجزء: 2)
أَن الْأَشْيَاء كلهَا لَا تسعه وان الْأَشْيَاء كلهَا لَا تعجز عَنهُ كَمَا قَالَ
(لَا تَنهَ عَنْ خُلُقٍ وتأتيَ مِثلَهُ ... عارٌ عَليكَ إِذا فعلتَ عَظيمُ)
أَي لَا يجْتَمع أَن تنْهى وَتَأْتِي مثله وَلَو جزم كَانَ الْمَعْنى فَاسِدا وَلَو قلت بِالْفَاءِ لَا يسعني شَيْء فيعجز عَنْك كَانَ جيدا لِأَن مَعْنَاهُ لَا يسعني شَيْء إِلَّا لم يعجز عَنْك وَلَا يسعني عَاجِزا عَنْك هَذَا تَمْثِيل هَذَا كَمَا قلت لَك فِي مَا تَأتِينِي فتحدثني أَي إِلَّا لم تُحَدِّثنِي وَمَا تَأتِينِي مُحدثا فَمَعْنَى الْوَاو الْجمع بَين الشَّيْئَيْنِ ونصبها على إِضْمَار أَن كَمَا كَانَ فِي الْفَاء وتنصب فِي كل مَوضِع تنصب فِيهِ الْفَاء أَلا ترى أَن قَوْلك زُرني وأزورك إِنَّمَا هُوَ لتكن مِنْك زِيَارَة وزيارة مني وَلَو أَرَادَ الْأَمر فِي الثَّانِي لقَالَ زرني ولأزرك حَتَّى يكون الْأَمر جَارِيا عَلَيْهِمَا والنحويون ينشدون هَذَا الْبَيْت على ضَرْبَيْنِ وَهُوَ قَول الشَّاعِر
(لقد كانَ فِي حَولٍ ثَواءٍ ثَويْتُه ... تُقضَّى لُباناتٌ ويُسْأمُ سائمُ)
فيرفع يسأم لِأَنَّهُ عطفه على فعل وَهُوَ تُقضى فَلَا يكون إِلَّا رفعا وَمن قَالَ تَقضِّي لُبانات قَالَ ويسأمَ سائمُ لِأَن تَقَضِّى اسْم فَلم يجز أَن تعطف عَلَيْهِ
الصفحة 26
382