كتاب المقتضب (اسم الجزء: 2)

وَأما الْفَاء فقولك إِن تأتني فَأَنا لَك شَاكر وَإِن تقمْ فَهُوَ خير لَك وَقد يجوز أَن تقع الْأَفْعَال الْمَاضِيَة فِي الْجَزَاء على معنى المستقبلية لِأَن الشَّرْط لَا يَقع إِلَّا على فعل لم يَقع فَتكون موَاضعهَا مجزومة وَإِن لم يتَبَيَّن فِيهَا الْأَعْرَاب كَمَا أَنَّك إِذا قلت جَاءَنِي خمسةَ عشرَ رجلا كَانَ مَوْضِعه مَوضِع رفع وَإِن لم يتَبَيَّن فِيهِ للْبِنَاء وَكَذَلِكَ جَاءَنِي مَنْ عنْدك ومررت بِالَّذِي فِي الدَّار كل ذَلِك غير مُعرب فِي اللَّفْظ ومواضعها وَإِنَّمَا هِيَ لما مضى فِي الأَصْل قيل لَهُ الْحُرُوف تفعل ذَلِك لما تدخل لَهُ من الْمعَانِي أَلا ترى إِنَّك تَقول زيد يذهب يَا فَتى فَيكون لغير الْمَاضِي فَإِن قلت لم يذهب زيد كَانَ ب لم نفيا لما مضى وَصَارَ مَعْنَاهُ لم يذهب زيد أمس واستحال لم يذهب زيد غَدا - _ وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ إنْ أصل الْجَزَاء لِأَنَّك تجازي بهَا فِي كل ضرب مِنْهُ تَقول إِن تأتني آتِك وَإِن تركب حمارا أركبه ثمَّ تصرفها مِنْهُ فِي كل شَيْء وَلَيْسَ هَكَذَا سائرها وَسَنذكر ذَلِك اجْمَعْ تَقول فِي منْ من يأتني آتهِ فَلَا يكون ذَلِك إِلَّا لما يعقل فَإِن أردْت بهَا غير ذَلِك لم يكن فَإِن قَالَ قَائِل فقد قَالَ الله عز وَجل {وَالله خلق كل دَابَّة من مَاء فَمنهمْ من يمشي على بَطْنه} فَهَذَا لغير اللآدميين وَكَذَلِكَ {وَمِنْهُم من يمشي على أَربع} قيل إِنَّمَا جَازَ هَذَا لِأَنَّهُ قد خلط مَعَ الْآدَمِيّين غَيرهم بقوله (واللهُ خَلَقَ كلَّ دابةٍ مِنْ

الصفحة 50