كتاب المقتضب (اسم الجزء: 4)
فَإِن أعملت الأول قلت ظَنَنْت أَو قلت هُوَ هُوَ زيدا مُنْطَلقًا تجْعَل هُوَ ابْتِدَاء وَخَبره هُوَ الثَّانِي وهما ضمير زيد منطلق إِلَّا أَنَّك رفعتهما لِأَنَّهُمَا بعد قلت فَصَارَت حِكَايَة
أَلا ترى أَنَّك تَقول قَالَ زيد عَمْرو أَخُوك وَقلت قَامَ عبد الله
وَلَو كَانَ فعل لَا يَقع بعده الْحِكَايَة لم يجز أَن يكون إِلَى جَانب قَامَ
لَو قلت ضربت قَامَ زيد وَمَا أشبهه لم يجز فِي معنى وَلَا لفظ
نَحْو ذَلِك قَول الله عز وَجل {إِلَّا قَالُوا سَاحر أَو مَجْنُون} وَقَالَ {أم يَقُولُونَ شَاعِر نتربص بِهِ} و {وَقَالُوا مَجْنُون وازدجر} فَهَذَا كُله على الْحِكَايَة والابتداء هُوَ وَلكنهَا محذوفة فِي الْقُرْآن لعلم الْمُخَاطب
أما قَوْله {وَإِذا خاطبهم الجاهلون قَالُوا سَلاما} فَإِنَّمَا انتصب لِأَنَّهُ مصدر عمل فِيهِ فعله لَا القَوْل وَالْمعْنَى وَالله أعلم وَقَالُوا سلمنَا سَلاما وَتَفْسِيره تسلمنا مِنْكُم تسلما وبرئنا بَرَاءَة لأَنهم لم يؤمروا أَن يسلمُوا على الْمُشْركين إِذْ ذَاك وَالْآيَة مَكِّيَّة
ونظيرها لَا تكن من فلَان إِلَّا سَلاما بِسَلام أَي متاركا مبارئا
وَلَو قلت قلت حَقًا أَو قَالَ زيد بَاطِلا لأعملت القَوْل لِأَنَّك لم تحك شَيْئا إِنَّمَا أعملت القَوْل فِي تَرْجَمَة كَلَامه
أَلا ترى أَنه إِذا قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله قيل لَهُ قلت حَقًا وَهُوَ لم يلفظ بِالْحَاء وَالْقَاف إِنَّمَا هَذَا معنى مَا قَالَ
وَمثل ذَلِك قَول الله {إِلَّا من أذن لَهُ الرَّحْمَن وَقَالَ صَوَابا}
الصفحة 79
434