كتاب الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام

وسيأتي ما يؤيد هذا من كلام ابن القيم رحمه الله تعالى في آخر هذه الكلمة. كما أن العالم نفسه قد يضطر أحيانا إلى التقليد في بعض المسائل حين لا يظفر فيها بنص عن الله ورسوله ولم يجد فيها سوى قول من هو أعلم منه فيقلده اضطرارا كما صنع الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في بعض المسائل ولهذا قال ابن القيم رحمه الله تعالى 2/344:
"وهذا فعل أهل العلم وهو الواجب فإن التقليد إنما يباح للمضطر وأما من عدل عن الكتاب والسنة وأقوال الصحابة وعن معرفة الحق بالدليل مع تمكنه منه إلى التقليد فهو كمن عدل إلى الميتة مع مقدرته على المذكى فإن الأصل أن لا يقبل قول الغير إلا بدليل فجعل المقلدة حال الضرورة رأس أموالهم".
محاربة المذهبيين للاجتهاد وإيجابهم التقليد على كل أحد:
إذا تبين هذا فقد بقي علينا البحث فيما وعدنا به فيما سبق من النظر في أحوال المتبعين للأئمة بزعمهم ومدى صحة اتباعهم لأقوالهم فأقول:
إن موقف جماهير المشايخ المقلدين منذ عصور موقف غريب جدا لأنهم في الوقت الذي يدعون أنهم ليسوا أهلا للرجوع إلى الكتاب والسنة في فهم الأحكام وأن عليهم أن يقلدوا الأئمة تراهم لا يرضون أن ينسبوا إلى الجهل وهو مقتضى أقوال علمائهم بل نراهم قد خرجوا عن تقليدهم في كثير من

الصفحة 82