كتاب الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام

فقيل: وما المثناة؟ قال: ما اكتتب سوى كتاب الله عز وجل1
وكأنه لذلك كان الإمام أحمد رحمه الله - حرصا منه على إخلاص الاتباع للكتاب والسنة - يكره وضع الكتب التي تشتمل على التفريع والرأي2 خشية إيثار الناس لها على الكتاب والسنة كما فعل المقلدة تماما فإنهم يؤثرون مذهبهم على الكتاب والسنة عند الاختلاف ويجعلونه معيارا عليهما كما تقدم كما تقدم عن الكرخي وكان الواجب اتباع الكتاب والسنة كما تقضي بذلك الأدلة المتقدمة منها وكما توجب ذلك عليهم أقوال أئمتهم وأن ينضموا إلى من كان الكتاب والسنة معه من المذاهب الأخرى ولكنهم مع الأسف الشديد ظلوا مختلفين متنازعين ولذلك قال ابن القبم "2/333" وقد ذكر قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي ... ":
"وهذا ذم للمختلقين وتحذير من سلوك سبيلهم وإنما كثر الاختلاف وتفاقم أمره بسبب التقليد وأهله الذين فرقوا الدين وصيروا أهله شيعا كل فرقة تنصر متبوعها وتدعوا إليه وتذم من خالفها ولا يرون العمل بقولهم حتى كأنهم ملة أخرى
__________
1 "أخرجه الحاكم "4/554 - 555" وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي وهو وإن كان موقوفا فله حكم المرفوع. لأنه من الأمور الغيبية التي لا تقال بمجرد الرأي لا سيما وقد رفعه بعض الرواة عنده وصححه أيضا.
2 "قاله ابن الجوزي في "مناقب أحمد" ص 192".

الصفحة 86