كتاب فتح رب البرية في شرح نظم الآجرومية

[اللهَ فِي كُلِّ الأُمُورِ أَحْمَدُ] أي قال: أحمد الله في كل الأمور، وجملة أحمد الله في محل نصب مقول القول. وأتى بالحمدلة بعد البسملة لأمور:
أوَّلاً: اقتداءًا بالكتاب العزيز حيث ثنَّى بالحمد بعد البسملة فقال: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الفاتحة:1 - 2)
ثانيًا: تأسيًا بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم بسنته الفعلية حيث كان يفتتح خُطَبه في خِطبة النكاح ونحوها بإنَّ الحمد لله نحمده.
ثالثًا:: اقتداءًا بالأئمة المصنفين في افتتاح الكتب كما قيل في البسملة. ولذلك القاعدة العامة -كما ذكر أهل العلم- أنَّه يُستحب البَداءةُ بالحمد لله في كل أمر مهم قالوا: يستحب البداءة بالحمدلة لكلِّ مصنِّفٍ، ودَارسٍ، ومُدرسٍ، ومتعلِّمٍ، ومُعلِّمٍ، ومزوِّجٍ، وخاطبٍ، وخطيبٍ، وبين يدي سائر الأمور المهمة. وأما حديث «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله .. » فهو ضعيف أيضًا، فلا يحتج به.
قال الناظم: [أَحْمَدُ] عبَّر بالجملة الفعلية. والأصل أن يأتي بالجملة الاسمية؛ لأنها تدل على الدوام والثبوت؛ إلا أنَّه عَدَل عنها إلى الجملة الفعلية؛ لأنها تدل على التجدد والحدوث؛ لأنَّ التجددَ والحدوثَ مُقابَلٌ بما عُلِّقَ به الحمد وهو الأمور. أحمد الله في كل [الأُمُورِ] جمع أمرٍ، والمراد به الشأن، والحال، يعني في كل شؤوني

الصفحة 13