كتاب فتح رب البرية في شرح نظم الآجرومية

وَبَعْدُ فَالقَصْدُ بِذَا المَنْظُومِ ... تَسْهِيلُ مَنْثُورِ ابْنِ آجُرُّومِ
[وَبَعْدُ] كلمة يُؤتَى بها للانتقال من أُسلوبٍ إلى أُسلُوبٍ آخر. وهي سُنَّةٌ؛ إلا أنها مُقيدة بلفظ أَمَّا بَعْدُ، لأنها هي الواردة والمسموعة. [وَبَعْدُ] الواو نائبة عن أَمَّا النَّائبةِ عنْ مهما. وأصلُ التَّرْكيبِ مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيءٍ. فأَمَّا حرف باتفاق ومَهْمَا اسم على الأصح.
[وَبَعْدُ] أَي وبَعْدَ الحمدلةِ والبسملةِ فأَقول القَصْدُ .. ويجب وقوع الفاء في جواب أَمَّا قال ابن مالك:
أَمَّا كَمَهْمَا يَكُ مِنْ شَيءٍ وَفَا ... لِتِلوِ تِلوِهَا وُجَوبًا أُلِفَا
[وَبَعْدُ] من ظروف الغاية وهو ظرف مبهم لا يُفهَمُ معناه إلا بإضافته إلى غيره، وهو مبنيٌّ على الضَّمِّ لحذف المضاف إليه ونِيَّةِ معناه. [فَالقَصْدُ] الفاء واقعة في جواب الشَّرطِ. وهو مبتدأ. و [بِذَا المَنْظُومِ] [بِذَا] جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بقوله: القَصْدُ. و [المَنْظُومِ] عطف بيانٍ أو بدل. و [تَسْهِيلُ] خبرُ المبتدأ0 [فَالقَصْدُ] القَصْدُ مصدرٌ بمعنى المفعولِ أي فالمَقْصُودُ والمُرَادُ؛ لأنَّ القَصْدَ في اللغة: إِتْيَانُ الشَّيءِ، وبابُه ضَرَبَ. يقال: قَصَدَهُ، وقَصَدَ لَهُ، وقَصَدَ إِليهِ كله بمعنى واحد. [بِذَا المَنْظُومِ] [بِذَا] اسمُ إشارةٍ لمفردٍ مذَكَّرٍ، إشارةً إلى المترَتِبِ الحاضرِ في الذهن تَنْزِيلاً للمعدوم مَنْزِلةَ الموجودِ؛ إنْ كانت المقدِّمةُ متقدِّمةً على التَّصنيف وإلا فهي على بابها لأَنَّ الأصلَ في اسم الإشارة أَنْ يكون لأَمْرٍ مَحْسُوسٍ. [بِذَا المَنْظُومِ] أَي الكِتَابِ أَنَّه

الصفحة 18