كتاب فتح رب البرية في شرح نظم الآجرومية

[إِنَّ الكَلاَمَ عِنْدَنَا] معاشرالنحاة [عِنْدَ] مثلَّث العين عِنْدَ وعَنْدَ وعُنْدَ، والكسر أشهر. والأصل أنها ظرف زمان أو مكان، لكن في مثل هذا التركيب عند ليست بظرف زمان ولا مكان، لأنه يتكلم بلسان النحاة ولذلك قال: [عِنْدَنَا] يعني معاشر النحاة؛ لأن الكلام يختلف باختلاف الفنون، فالكلام له معنى عند الأصوليين، وله معنى عند المتكلمين، وله معنى عند المناطقة، وله معنى عند الفقهاء، كل فن إذا أطلق الكلام عندهم انصرف إلى ما اصطلح عليه بينهم، وليس المراد به الذي اصطلح عليه النحاة. ولذلك يقال الاصطلاح، والكلام في الاصطلاح: بمعنى الحقيقة العرفية التي تكون عند أرباب ذلك الفن، ولذلك نقول: كلمة الاصطلاح تتكرر معنا كثيرًا في سائر الفنون ولابد أن يضبطها طالب العلم ويعرف ما المراد بهذه الكلمة إذا أطلقها النحاة أو الفقهاء أو غيرهم لذلك نقول الاصطلاح أصله: اصتلح قلبت الفاء طاءًا لأنه من باب افتعل كما هو معلوم عند الصرفيين، والاصطلاح في اللغة الاتفاق يقال: اصطلح زيدٌ وعمرٌو إذا اتفقا. والاصطلاح في الاصطلاح يعني عند أرباب الحقائق العرفية: اتفاق طائفة مخصوصة على أمر مخصوص بينهم متى أُطلق انصرف إليه. اتفاق طائفة مخصوصة سواءٌ كانوا نحاة أو أصوليين أو مناطقة أو مهندسين أو أطباء قل ما شئت، اتفاق طائفة مخصوصة على أمر مخصوص بينهم متى أطلق انصرف إليه، فمثلاً الفاعل عند النحاة له معنى خاص بهم، إذا أطلق لفظ الفاعل انصرف إلى المعنى الخاص الذي هو عند النحاة

الصفحة 26