كتاب فتح رب البرية في شرح نظم الآجرومية

الاصطلاح فهو إما أن يفسر بالقصد، وهو قول مرجوح. وإما أن يفسر بالوضع العربي وهو الأرجح.
إذًا عرفنا حد الكلام وأنه [لَفْظٌ مُرَكَّبٌ مُفِيدٌ قَدْ وُضِعْ] ما اشتمل على الأربعة الأركان إن انتفى واحدٌ منها انتفى الكلام، وإن انتفت الأربعة فمن باب أولى وأحرى. ثم قال:
أَقْسَامُهُ الَّتِي عَلَيْهَا يُبْنَى ... اِسْمٌ وَفِعْلٌ ثُمَّ حَرْفُ مَعْنَى
[أَقْسَامُهُ] الضمير يعود على الكلام، أي أقسام الكلام، فأراد أن يقسم لنا الكلام لأنه ذكر أنه مركب، فحينئذٍ لابد أن يتركب من أجزاء، فيأتي السؤال ممَّ يتركب الكلام؟ قال: [أَقْسَامُهُ] وهذا يسمى استئنافًا بيانيًا، وهو ما وقع في جواب سؤال مقدر، كأن سائلاً قال له: ما هي الأجزاء التي يتركب منها الكلام؟ لأنك أخذت التركيب قيدًا في حد الكلام فقال: [أَقْسَامُهُ الَّتِي عَلَيْهَا يُبْنَى] بمعنى التي يتألف منها الكلام، من مجموعها لا من جميعها ثلاثة وقوله: [الَّتِي عَلَيْهَا يُبْنَى] احترز به من نوعه الذي إليه ينقسم، [اِسْمٌ وَفِعْلٌ ثُمَّ حَرْفُ مَعْنَى] ودليل هذا التقسيم الاستقراء والتتبع، يعني نظر النحاة في كلام العرب فوجدوا أنه لا يخلو عن ثلاثة أحوال: إما أن يكون اسمًا، وإما أن يكون فعلاً، وإما أن يكون حرفًا.
وذكر بعضهم دليلاً نقليًا عن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال لما شكى له أبو الأسود الدؤلي العجمة قال له: انحُ لهم نحوًا واقسم

الصفحة 36