كتاب فتح رب البرية في شرح نظم الآجرومية

إذًا نقص الفعل درجةً عن الاسم، وعلا الاسمُ درجةً على الفعل؛ لوقوعه مسندًا ومسندًا إليه فعلا وارتفع على أخويه الفعل والحرف. ولكون الفعل بقي له ركنٌ من ركني الإسناد، وهو كونه مسندًا أُعطي الدرجة الثانية، وأما الحرف فلا يكون مسندًا ولا مسندًا إليه. إذًا الكلام يتألف من اسمين، وكذلك من اسم وفعل، وهو أقل ما يتألف منه الكلام؛ لأنه بالإجماع لا يتألف الكلام من فعلين. ولا يتألف من حرفين. لماذا لا يتألف من فعلين؟ لأن الكلام لابد أن يكون فيه إسناد، والإسناد لابد فيه من مسند ومسند إليه، والفعل لا يكون مسندًا إليه. فلا يصح أن يقال: جاء قال! لأن (جاء) صفة في المعنى، ولذلك نص النحاة على أن الأفعال كلها الماضي والمضارع والأمر هي أوصاف في المعنى فإذا قلت: جاء زيدٌ. فقد وصفت زيدًا بالمجيء. وقام زيدٌ وصفت زيدًا بالقيام. وإذا كانت الأفعال صفاتٍ في المعنى فلابد من موصوفٍ، وأين الموصوف إذا قيل: جاء قام! فليس عندنا موصوف. فحينئذٍ لا يتألف الكلام من فعلين. ولا من حرفين من بابٍ أولى لأن الحرف لا يكون مسندًا ولا مسندًا إليه. لكن هل يتألف من حرف واسم، أو من حرف وفعلٍ؟ هذا فيه نزاع، ذهب أبو علي الفارسي إلى أنه يتألف من حرف واسم، وحصره في باب النداء نحو: يا زيد، قال: فقد حصلت الفائدة التامة وهي مستلزمة لصحة التركيب. والصحيح أنه ليس مؤلفا من حرف واسم؛ بل هذا التركيب فرع وليس بأصل؛ لأن أصل قولك: يا زيدُ أدعو زيدًا، والدليل على

الصفحة 39