كتاب فتح رب البرية في شرح نظم الآجرومية

ذلك أن زيدُ لو نُعت لجاز فيه النصب إتباعا للمحل. ثم نقول: هو مبني في محل نصب من أين ثبت له هذا المحل؟ لابد وأن يكون ثَمَّ عامل يعمل النصب في محل زيد، ويا حرف نداء لا تعمل النصب، والحاصل: أن هذا التركيب فرع وليس بأصل. كذلك لا يصح أن يتألف من حرف وفعلٍ خلافًا للشلوبين لأنه ذهب إلى أنَّ نحو: ما قام، مؤلف من حرف وفعلٍ، والضمير المستتر في الفعل لا يعد كلمة. والأصح أنه يُعد كلامًا فنحو: ما قام الأصل أن يعتبر الضمير المستتر أنه كلمة مستقلة بذاتها، فحينئذٍ نقول: ما حرف نفي، وقام فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو على حسب ما يعود إليه في الكلام. قال في نظم الورقات مشيرا إلى هذين المذهبين:
أَقَلُّ مَا مِنْهُ الكَلَامَ رَكَّبُوا ... اسْمَانِ أَوِ اسْمٌ وَفِعْلٌ كَارْكَبُوا
كَذَاكَ مِنْ فِعْلٍ وَحَرْفٍ وُجِدَا ... وَجَاءَ مِنْ إِسْمٍ وَحَرْفٍ فِي النِّدَا
قوله: [اِسْمٌ وَفِعْلٌ ثُمَّ حَرْفُ مَعْنَى] نأخذ منه أن أقل ما يتألف منه الكلام اسمان أو اسم وفعلٌ، ولا ينحصر الكلام في هذين النوعين، بل قد يتألف من أكثر، وابن هشام أوصلها إلى سبعٍ في شرح قطر الندى.
ثم شرع-الناظم- في بيان حقيقة كل واحدٍ من هذه الأنواع الثلاثة، لأن الاسم والفعل والحرف هذه تشترك في كونها أنواعًا للكلمة، وهي قول مفرد. وتنقسم إلى اسم وفعلٍ وحرفٍ، وتمييز بعضها عن بعض يكون من جهتين: إما من جهة الحد، وإما من جهة

الصفحة 40