كتاب فتح رب البرية في شرح نظم الآجرومية

لذلك، أما إذا قلت: أؤلف بسم الله فقد قدمت على لفظ الجلالة غيره، فحينئذٍ كان فيه فائدة الاهتمام، وأما تقديمه في سورة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} فقد أجاب أهل البيان بأنَّ المقصود هنا هو القراءة، قال السيوطي في عقود الجمان:
وَقَدْ يُفِيدُ فِي الجَمِيعِ الاِهْتِمَامْ ... بِهِ وَمِنْ ثَمَّ الصَّوَابُ فِي المقَامْ
تَقْدِيرُ مَا عُلِّقَ بِاسْمِ اللهِ بِهْ ... مُؤَخَّرًا فَإِنْ يَرِدْ بِسَبَبِهْ
تَقْدِيمُهُ فِي سُورَةِ اقْرَا فَهُنَا ... كَانَ القِرَاءَةُ الأَهَمَّ ... المُعْتَنَى
إذًا قُدِّم في قوله {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} لأن القراءة هي الأهم المعتنى به في هذا المقام.
الفائدة الثانية: إفادة القصر والحصر، وهو إثباتُ الحكم في المذكور ونفيه عمَّا عداه، أي بسم الله أؤلف، إذًا قُدِّم ما حقه التأخير فأفاد القصر، يعني بسم الله لا باسم غيره.
ويُقدر الفعل خاصًّا يعني يقول عند التقدير: بسم الله أؤلف إذا أراد التأليف. بسم الله أشرب إذا أراد الشرب وهكذا. ولا يقدره: بسم الله أبدأ؛ لأنه عام فلا يُفهم من المقدَّر هنا فعلٌ وحدثٌ خاصٌّ قالوا: لأنَّ دلالةَ الحال أدلُّ على المقدر؛ لأنه ينوي في نفسه ما جَعل البسملةَ مبدءًا له، وهو الفعل الخاص الذي تلبس به.
[بِسْمِ اللهِ] اسم مضاف، ولفظ الجلالة (الله) مضاف إليه. وهنا الإضافة من إضافة الاسم إلى المسمَّى فتفيد حينئذٍ العموم. [بِسْمِ

الصفحة 8