كتاب الهم والحزن لابن أبي الدنيا
§صُوَرُ شِدَّةِ حُزْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَلَى أَخِيهِ
139 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيِّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ ذَكْوَانَ، قَالَ: حَزِنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حُزْنًا شَدِيدًا، فَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يُلْقَى حَزِينًا، وَكَانَ يَقُولُ: «§مَا هَبَّتِ الصَّبَا إِلَّا ذَكَرْتُ زَيْدًا»
140 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُوسَى، مَوْلَى أَكْتَلِ بْنِ شَمَّاخٍ الْعُكْلِيِّ، عَنْ عَبِيدَةَ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مَعْنٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: «§رَحِمَ اللَّهُ زَيْدًا هَاجَرَ قَبْلِي، وَاسْتُشْهِدَ قَبْلِي، مَا هَبَّتِ الرِّيَاحُ مِنْ تِلْقَاءِ الْيَمَامَةِ إِلَّا أَتَتْنِي بِرِثَاهُ، وَلَا ذَكَرْتُ قَوْلَ مُتَمَّمِ بْنِ نُوَيْرَةَ، إِلَّا ذَكَرْتُهُ» ، وَقَالَ غَيْرُ مُحَمَّدٍ: إِلَّا هَاجَ لِي شَجَنًا:
[البحر الطويل]
وَكُنَّا كَنَدْمَانَيْ جَذِيمَةَ حِقْبَةً ... مِنَ الدَّهْرِ حَتَّى قِيلَ: لَنْ يَتَصَّدعَا
فَلَمَّا تَفَرَّقْنَا كَأَنِّي وَمَالِكًا ... لِطُولِ اجْتِمَاعٍ لَمْ نَبِتْ لَيْلَةً مَعَا
141 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ الْوَرَّاقُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْأَسْلَمِيِّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِمُتَمِّمِ بْنِ نُوَيْرَةَ: «§مَا بَلَغَ مِنْ حُزْنِكِ عَلَى أَخِيكَ؟» ، قَالَ: لَقَدْ مَكَثْتُ سَنَةً مَا أَنَامُ اللَّيْلَ حَتَّى أُصْبِحَ، وَلَا رَأَيْتُ نَارًا رُفِعَتْ بِلَيْلٍ إِلَّا ظَنَنْتُ أَنَّ نَفْسِي سَتَخْرُجُ أَذْكُرُ بِهَا أَخِي، أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِالنَّارِ تُوقَدُ حَتَّى يَصِيحَ مَخَافَةَ أَنْ يَبِيتَ ضَيْفُهُ قَرِيبًا مِنْهُ، فَمَتَى يَرَى النَّارَ يَأْوِي إِلَى الرَّجُلِ، وَهُوَ بِالضَّيْفِ يَأْتِي مُتَهَجِّرًا أَسَرَّ مِنَ الْقَوْمِ يُقْدِمُ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّفَرِ الْبَعِيدِ، فَقَالَ عُمَرُ: «أَكْرِمْ بِهِ»
الصفحة 88