كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 2)

فَصْلٌ: إِذَا عَرَّفَ سَنَةً لَم يَمْلِكْهَا حَتَّى يَخْتَارَهُ بِلَفْظِ كَتَمَلَّكتُ، أي ونحوه؛ لأنَّهُ تمليكُ مال بِبَدَلٍ فافتقرَ إلى لفظٍ كالتملك بالشراء، وَقِيلَ: تَكْفِي النِّيَّةُ، لأنَّ اللَّفْظَ إِنَّمَا يُعْتَبَرُ حَيثُ يَكُونُ إِيجَابٌ، وَقِيلَ: يَمْلِكُ بِمُضِيِّ السَّنَةِ، وإن لم يرضَ بالتملك، إذا كان قصدٌ عند الأخذ التملك؛ بعد التعريف؛ لأنَّهُ جاء في روايةٍ رَوَاها مسلمٌ [فَإنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ وَإِلَّا فَهِيَ لَكَ] (¬215)، واستثنى الإمام على هذا الوجه ما إذا التقطها للحفظ الدائم أو للتملك، ثم أراد الحفظ الدائم؛ فإنه لا يملكُ بمضي حول التعريفِ؛ قال: ولو أطلقَ الالتقاطَ احتملَ أنْ يَمْلِكَ إِنْ غَلَّبْنَا الْكَسْبَ، فَإِن تَمَلْكَ فَظَهَرَ الْمَالِكُ وَاتَّفَقَا عَلَى رَدِّ عَييهَا، أي التخلية بَينَهُ وَبَينَهَا؛ فَإِنَّ الواحِبَ عليهِ، فَذَاكَ، وَإِنْ أَرَادَهَا الْمَالِكُ؛ وَأرَادَ المُلْتَقِطُ الْعُدُولَ إِلَى بَدَلِهَا؛ أُجِيبَ الْمَلِكُ فِي الأصَحِّ، كما في القرض، والثاني: يُجاب الملتقطُ كما قيل به في القرض وهو ضعيف لقوله عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ [فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهَا يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ فَأَدَّهَا إِلَيهِ] متفق عليه (¬216)، وَإِنْ تَلِفَتْ غَرِمَ مِثْلَهَا، أي إن كانت مِثْلِيَّةٌ، أَو قِيمَتَهَا يَوْمَ التَّمَلكِ، لأنَّ وقت ثبوتها في ذمته، وَإِنْ نَقَصَتْ بِعَيبٍ فَلَهُ أَخْذُهَا مَعَ الأَرْشِ. فِي الأصَحِّ، لأنَّ الكُلَّ مضمونٌ عليه، فكذلك البعض، والثاني: يقنعُ بها ولا يغرمه الأرش، لأن النقصان حصل في ملكه فلا يضمنه.
وَإِذَا ادَّعَاهَا رَجُلٌ! وَلَمْ يَصِفْهَا؛ وَلَا بَيِّنَةَ لَمْ تُدْفَع إِلَيهِ، لقوله عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: [لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ ... ] الحديث (¬217)، اللَّهُمَّ إلا أن يعلم الملتقطُ
¬__________
(¬215) رواه مسلم في الصحيح: كتاب اللقطة: الحديث (6/ 1722) ولفظه [فَإنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَعَرف عِفَاصَهَا وَعَدَدَهَا وَوكَاءَهَا فَأَعْطهَا إِيَّاهُ وَإِلَّا فَهِيَ لَكَ].
(¬216) رواه البخاري في الصحيح: كتاب العلم: باب الغضب في الموعظة: الحديث (91).
ومسلم في الصحيح: كتاب اللقطة: الحديث (5/ 1722) واللفظ له. والبيهقي في السنن الكبرى: كتاب اللفطة: باب اللقطة: الحديث (12283).
(¬217) * الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ أَنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَال: [لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالهُمْ، وَلَكَنَّ اليَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيهِ]. =

الصفحة 1004