كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 3)

يدفع إلى الوارث ما يَسْتَغْنِي عنه الْمُوَرِّثُ؛ فال الاستاذ أبو منصور: ومؤنةُ التجهيز على حسبِ العرفِ في يسارهِ وإعسارهِ، ولا اعتبارَ بما كان عليه لِبَاسُهُ في حياته من إسرافهِ وتقتيرهِ، قُلْتُ: وكذا يبدأ أيضًا بِمُؤْنَةِ تجهيز من عليه مؤنته، نصَّ عليه وتابعوهُ، ثُمَّ تُقْضَى دُيُونُهُ، أي ويبدأ بِدَينِ الله تعالى كالزكاة والحج قبل دَينِ الآدميِّ، ثُمَّ وَصَايَاهُ، بالإجماع (¬231)، وشَذَّ ابنُ حزمٍ الظاهرى حيثُ قال: يقدَّمُ دَينُ الله ثم دَينُ الآدمي ثم مؤنة التحهيز. مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي، بالإجماع، ثُمَّ يُقْسَمُ الْبَاقِي بَينَ الْوَرَثَةِ، أي كما سيأتي؛ وهو إجماع. وأما ابنُ حزمٍ الظاهري فنقل عن طائفةٍ من السلف: أنَّ مَن ماتَ ولم يُوْصِ، ففرضٌ عليه أنْ يتصدَّقَ بما يتيسَّرُ؛ وعن جمهورهم أنه إذا قُسِّم الميراث، فحضر القسمة قرابةٌ أو يتيم أو مسكين ففرضَ أنْ يعطى ما تطيبُ به النفس من غير إجحافٍ بالورثةِ لقوله تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ ... } الآية، والجمهورُ على خلاف ما ذكره فيها (¬232).
¬__________
(¬231) * عن علي - رضي الله عنه -؛ (أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى بِالدَّينِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ). رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب الوصايا: الحديث (12828) ونقل قول الشافعي: (لَا يُثْبِتُ أهلُ الحديثِ مِثلَهُ).
* وفي رواية الترمذي بزيادة: (وَأَنْتُمْ تُقِرُّوْنَ الْوَصِيَّةَ قَبْلَ الدَّينِ). رواه الترمذي في الجامع: كتاب الوصايا: الحديث (2122) وقال: والعملُ على هذا عند عامَّة أهلِ العِلمِ أنّهُ يُبْدَأُ بالدَّينِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ.
* قال الحاكم في المستدرك: الحديث (7967/ 20): هذا حديث رواه الناس عن أبي إسحاق والحارث بن عبد الله على طريق، لذلك لم يخرحه الشيخان، وقد صححت هذه الفتوى عن زيد بن ثابت.
* أما الإجماع؛ جاء عن ابن عباس - رضي الله عنه -؛ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: كَيفَ تَأْمُرُ بِالْعُمْرَةِ قَبْلَ الْحَجِّ؛ واللهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] فَقَال: (كَيفَ تَقْرَؤُوْنَ الدَّينَ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ؛ أَو الْوَصِيَّةَ قَبْلَ الدَّينِ؟ ) قَال: الْوَصِيَّةُ قَبْلَ الدَّينِ. قَال: (فَبِأَيِّهِمَا تَبْدَءُوْنَ؟ ) قَالُوا: بِالدَّينِ. قَال: (فَهُوَ كَذَلِكَ). رواه البيهقي في السنن الكبرى: الأثر (12831) وفال: قال الشافعي: يعني أن التقديم جائز.
(¬232) * النساء / 8. =

الصفحة 1038