كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 1)

لقوله - صلى الله عليه وسلم - للقيط ابن صبرة: [أَسْبِغِ الْوُضُوءَ وَخَلِّلْ بَيْنَ الأَصَابِعِ، وَبَالِغْ فِي
الاِسْتِنْشَاقِ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا] صححه الترمذي (¬155) وغيره وفي رواية صحيحة كما قاله ابن القطَّان: [إِذَا تَوَضُّاْتَ فَأَبْلِغْ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالاِسْتِنْشَاقِ مَا لَمْ تَكُنْ صَائِمًا] (¬156)؛ قُلْتُ: الأَظْهَرُ تَفْضِيلُ الْجَمْعِ بِثَلاَثِ غُرَفٍ: يَتَمَضْمَضُ مِنْ كُلِّ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ، وَالله أَعْلَمُ، هو الذي صحَّت به الأحاديث.
قال الشيخ عزُّ الَدِّينِ: وَقُدِّمَتِ المضمضةُ على الاستنشاق لشرف منافع الفم على منافع الأنف، فإنه مدخل الطعام والشراب اللذين بهما قوام الحياة، وهو محل الأذكار الواجبة والمندوبة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وَتَثْلِيثُ الْغَسْلِ، بالإجماع (¬157)، وَالْمَسْحِ؛ لأنهُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ مَسَحَ
¬__________
ثَلاَثًا؛ وَأَفْرَدَ الْمَضْمَضَةَ مِنَ الاِسْتِنْشَاقِ؛ ثم قالا: هكذا توضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال ابن حجر في التلخيص: ج 1 ص 90: وأنكره ابن الصلاح في كلامه على الوسيط ... قلتُ:
روى أبو علي بن السكن في صحاحه من طريق أبي وائل شقيق بن سلمة ... فهذا صريح في الفصل؛ فبطل إنكار ابن الصلاح. ثم حكى روايات كثيرة تعضد رواية طلحة.
(¬155) الجامع الصحيح للترمذي: كتاب الصوم: باب ما جاء في كراهية مُبَالغة الاستنشاق: الحديث (788) وقال: هذا حديث حسن صحيح. ورواه أبو داود في السنن: كتاب الطهارة: باب في الاستنثار: الحديث (142). والحاكم في المستدرك: كتاب الطهارة: الحديث (522/ 77) وقال: هذا حديث صحيح ولم يخرجاه.
(¬156) في تحفة المحتاج إلى أدلة المنهاج: ج 1 ص 184: الحديث (75)؛ قال ابن الملقن: وفي رواية للحافظ أبي بشر الدولابي في جمعه لحديث الثوري: (الحديث) قال ابن القطان: إسناده صحيح.
(¬157) لِحَدِيثِ عَطاء بن زَيْد: أَنَّ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ أَخْبَرَهُ أنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ: دَعَا بِإِنَاءٍ فَأفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ فَتَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، وَيَدَيْهِ إِلَى المِرفَقَيْنِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ إلَى الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ صَلَّى رَكَعَتَيْنِ لاَ يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ بِشَىْءٍ؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ]. رواه البخاري في الصحيح: كتاب الوضوء: باب الوضوء ثلاثًا ثلاثاً: الحديث =

الصفحة 104