كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 3)

بينهما ثابتة فبطل إرثه، وَلَا يُوَرَّثُ، أي بل ماله فَيءٌ سواء كسبَهُ في الإسلام أو في الردَّةٍ؛ ارتدَّ في الصحة أو في المرضِ وقصد منع وارثه والدليلُ عليه فيما اكتسب في الردة أو الصحة الإجماع. وفي الباقى القياس عليهما وللإمام احتمالٌ في توريث المرتدِّ مِن المرتدِّ.
فَرْعٌ: الزنديقُ كالمرتدِّ، وَيَرِثُ الْكَافِرُ الْكَافِرَ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ مِلْتُهُمَا، أي كاليهودي والنصراني والمجوسي وعبدةِ الأوثان لأنَّ جميعَ المِلَلِ في البُطلانِ كالْمِلةِ الواحدةِ قال تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} (¬266) وقال تعالى: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إلا الضَّلَالُ} (¬267). فأشعرَ بأنَّ الكفرَ كلَّهُ مِلّةٌ واحدةٌ، وفي قولٍ أو وجهٍ لا يرثُ ملَّةٌ منهم أُخْرَى بناءً على أنَّ للكفرِ مِلَلٌ، لَكِنِ الْمَشْهُورُ أَنّهُ لا تَوَارُثَ بَينَ حَرْبِيٍّ وَذِمِّيٍّ، لانقطاع الموالاة بينهما، وصحَّحَ في أصل الروضة القطع به؛ والثاني: أنهما يتوارثان لشمول الكفر.
فَرْعٌ: لا توارث أيضًا بين حربيين في دارين بينهما حرب؛ قاله المصنف في كلامه على التنبيه.
فَرْعٌ: روي عن الإمام الحارث بن أسد المحاسبي؛ أنه وَرَثَ من أبيه مالًا كثيرًا فلم يأخذْ منهُ شيئًا مع احتياجهِ إلى دانقِ فضَّةٍ؛ لأن أباه كان واقفيًّا أي قدريًّا وهذا منه بناء على التكفيرِ.
فَرْعٌ: المعاهدُ المستأمنُ كالذميِّ على الأصحِّ وقيل كالحربيِّ.
وَلَا يَرِثُ مَنْ فِيهِ رِقٌّ، لقوله تعالى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَينِ} (¬268) فإنَّ اللَّامَ فيه للتمليكِ والعبدُ لا يَمْلِكُ وإن قيل: يملكُ فهو ملكٌ ضعيفٌ ولا يورث أيضًا كذلك. وفي المبعض وجهٌ: أنه يرث بقدر ما فيه من الْحُرِّيَّة وهو ضعيفٌ؛ لأنه لو ورث لكان بعضُ المالِ لمالكِ الباقي وهو أجنبيٌّ عن
¬__________
(¬266) الكافرون / 6.
(¬267) يونس / 32.
(¬268) النساء / 11.

الصفحة 1065