كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 1)

يقتضي ملازمة العلماء والفقهاء، وتقصد ذات المعرفة بالنظر والتأمل وهو البحث عن فَهْمِ الصواب والرأي الراجح.
وبعدَ هذا، فإنَّ من أفضلِ ما يُستعان به على الطلب تقوى الله العظيم فإنه عزَّ وَجَلَّ يقول: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} (¬17) وتتأتى التقوى ها هنا بتقصد المعرفة التى توصل إلى عبادة الله حق العبادة، فيُرجى من الله ما يتوصل به إلى طاعته باقتفاء أثر النبي وألتماس إتباعه، فيقذف الله البصيرة في الأذهان بالذكرى قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} (¬18).
ويجبُ على طالب العلم أن يُخْلِصَ النِّيَّةَ لله تعالى في طلبه، فإنه لا ينفع عمل لا نيَّة لفاعله. قال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: [نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ] (¬19) ولقد قال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬20).
ولقد حَذَّرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من العلماء الذين لا يعملون بعلمهم فقال: [أَشَدُّ
النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ عَالِمٌ لاَ يَنْفَعُهُ عِلْمُهُ] (¬21) وقال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: [مَنْ
¬__________
(¬17) البقرة / 282.
(¬18) الأعراف / 201.
(¬19) الحديث عن سهل بن سعد الساعدي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ وَعَمَلُ الْمُنَافِقِ خَيْرٌ مِنْ نِيَّتِهِ؛ وَكُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى نِيَّتِهِ؛ فَإِذَا عَمِلَ الْمُؤْمِنُ عَمَلًا نَارَ فِي قَلْبِهِ نُورٌ] أخرجه الطبرانى في المعجم الكبير: ج 6 ص 185: الحديث (5942). في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: كتاب الإيمان: باب نية المؤمن: ج 1 ص 61؛ قال الهيثمي: رجاله موثوقون إلا حاتم بن عباد بن دينار الجرشي لم أرَ من ذكر له ترجمة. وقال في ج 1 ص 109: وفيه حاتم بن عباد ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات.
(¬20) هود / 15 - 16.
(¬21) في مختصر شرح الجامع الصغير؛ للمناوي: ج 1 ص: 68 تحقيق مصطفى محمد عمارة؛ أشار المناوي والسيوطي إلى ضعفه. ينظر: الطبعة الأولى منه: دار إحياء الكتاب العربية. =

الصفحة 11