كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 3)
كِتَابُ الْوَدِيعَةِ
الْوَدِيعَةُ: هِيَ اسْمٌ لِعَينٍ يَضَعُهَا مَالِكُهَا أَوْ نَائِبُهُ عِنْدَ آخَرٍ لِيَحْفَظَهَا، مَأْخُوذَةٌ مِنْ وَدَعِ الشَّيءَ وَيَدَعُ إِذَا سَكَنَ؛ فَكَأَنَّهَا سَاكِنَةٌ عِنْدَ الْمُوْدَع، وقيلَ: مِنْ قَوْلهِمْ فُلانٌ فِي دَعَةٍ أَي فِي حَفْضٍ (•) مِنَ العَيشِ، لأَنهَا غَيرُ مُبْتذَلَةٍ بِالانْتِفَاعِ. وَبِالْقُيُوْدِ الْمَذْكُوْرَةِ تَخْرُجُ العَينُ فِي يَدِ الْمُلتَقِطِ، وَالثوبُ إِذَا طَيَّرَهُ الرِّيحُ فِي دَارٍ آخَر، وَنَحوَهُ؛ فَإِنَّ حُكْمَهُ مُغَايِرٌ لِحُكْمِ الوَدِيعَةِ. والأصلُ فيها قولُهُ تعَالى: {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ ...... } (¬289) وقولُهُ تعَالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} (¬290) وقولُ نَبِيِّهِ عليهِ الصلاةُ والسَّلامُ: [أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ] صَحَّحَهُ الحاكمُ على شرطِ مسلمٍ (¬291). ولأنَّ بالناسِ حاجَةً بل ضرورةً إليها.
مَنْ عَجَزَ عَنْ حِفْظِهَا حَرُمَ عَلَيهِ قبُولُهَا، لأنَّهُ يعرِّضُها للهلاكِ، وَضَمَّ صاحبُ
¬__________
(•) هكذا رسمها في جميع النسخ. و (الخَفْضُ) الدَّعَةُ.
(¬289) البقرة / 283.
(¬290) النساء / 57.
(¬291) رواه الحاكم في المستدرك: كتاب البيوع: الحديث (2296/ 167)، وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في التلخيص. وذكر حديث أنس شاهدًا له. ورواه أبو داود في السنن: كتاب البيوع: باب في الرجل يأخذ حقه من تحت يده: الحديث (3535). والترمذي في الجامع: كتاب البيوع: الحديث (1264)، وقال: هذا حديث حسن غريب.
الصفحة 1111