كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 3)

كاستَأمَنتُكَ عليهَا ونحوه، بَرِىَء في الأصَح، لأنَّهُ أسقَطَ حقهُ؛ والثاني: لا، حتَّى يردها إلى صاحبِها أو وكيلهِ لحديث [عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدّيهِ] (¬294) ونَصَّ الشافعيُّ رَحِمَهُ الله على الوجهينِ، قال الرافعي: فيجوزُ التعبيرُ على الخلافِ بالقولينِ، قُلْتُ: بَلْ يَتَعَيَّنَ.
فَصل: وَمَتَى طَلبهَا المَالِكُ لَزِمَهُ الرَّدُّ بِأن يُخَلي بَينَهُ وَبَينَهَا، أي وليس المرادُ بالرد أنهُ يجبُ عليهِ مباشرته أو تحملِ مُؤْنَتِهِ وإنَّما ذلك على المالِك، فإن أَخْرَ بِلاَ عُذْر ضَمِنَ، لتعديه، وإنْ كانَ ثَمَّ عذرٌ فلا ضمانَ قطعًا على الراجِح في الروضة، وَإنِ ادًعَى تَلَفَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ سَبَباً أَوْ ذَكَرَ خَفِياً كَسَرِقَةٍ صُدِّقَ بِيَمِيْنهِ، لأنَّهُ ائْتمَنَهُ فليصدقهُ، وَإِن ذَكَرَ ظَاهِراً كَحَرِيق، فَإن عُرِفَ الحَرِيقُ وَعُمومُهُ صُدِّقَ بِلاَ يَمِينٍ، لقيامِ القرائِنِ على ذلكَ، وِإن عُرِفَ دُون عُمومِهِ صُدّقَ بِيَمِينهِ، لاحتمالِ ما يدَّعيهِ، وَإِن جهِلَ طُولِبَ بِبَينةٍ، يعني على السببِ الظاهرِ، ثُمَّ يُحَلفُ عَلَى التَّلَف بِهِ، لاحتمالِ أنها لم تَتلَف بِهِ.
فَرْعٌ: موتُ الحيوانِ والغصبُ من الأسبابِ الظاهرةِ عند المتوليّ، والأقربُ في الرافعيِّ وهو ما في التهذيب: إلحاقُ الغَصْبِ بِالسرقةِ.
وِإنِ ادعَى رَدَّهَا عَلَى مَنِ ائتمَنَهُ، أيْ وهو المالكُ، صُدِّقَ بِيَمِينهِ، لأنَّهُ ائتمَنَهُ فيقبَلْ قولَهُ عليهِ، أَوْ عَلَى غَيْرِهِ كَوَارِثه أَوِ ادعَى وَارِثُ الْمُوَدع الرّدّ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ أَوْدَعَ عِندَ سفرِهِ أمِيْناً فَادعَى الأمِيْنُ الرّدّ عَلَى الْمَالِكِ طُوْلبَ، كُل، بِبَينَةٍ، لأنَّ الأصلَ عدمُ الرَّدِّ ولم يأتمِنهُ، وَجُحُودُهَا بَعْدَ طَلَبِ الْمَالِكِ مضَمنْ، لخيانتِهِ حينئذٍ، واحترزَ بطلَبِ المالِكِ على طلَبِ غيرِهِ، فإنهُ لو سألَهُ عنها فأجابَ: بأنْ لا وديعَةَ لأحدِ عندي، ولو بحضْرَةِ المالِك؛ فإنهُ لا يكونُ مُضَمناً، لأنَّ إخفاءَها أبلغُ في
¬__________
(¬294) رواه أبو داود في السنن: كتاب البيوع: باب في تضمين العارية: الحديث (3561). والترمذي في الجامع: كتاب البيوع: الحديث (1266)، وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنَّسائيُّ في السنن الكبرى: كتاب العارية: باب المنيحة: الحديث (5783/ 3).

الصفحة 1121