كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 1)

وَيَحْرُمُ بِهَا، أي بالجنابة، مَا حَرُمَ بِالْحَدَثِ، أي مما تقدم في بابه؛ بل أَوْلَى لأنها أغلظ، وَالمَكْثُ بِالْمَسْجِدِ، لقوله تعالى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ ... } الآية (¬184) أي مواضعها، وخرج بالمسجد مصلى العيد ونحوه.
فَرْعٌ: في فتاوى البغوى؛ إذا كان في المسجد بئر، لا يجوز للجنب المكث فيه إلاّ إذا تيمم ودخل، وفيها أنه لو دلى نفسه بحبل ومكث في هواء المسجد، لأن لهواء المسجد حرمة المسجد، بدليل صحة الاقتداء للمتطهر إذا كان على لوح في هواء المسجد وصحة صلاة مَنْ بجبل أبي قبيس.
لاَ عُبُورُهُ، للآية المذكورة (¬185)، وَالْقُرْآنُ، أي باللفظ والإشارة من الأخرس لا بالقلب تعظيماٌ له، وفاقد الطهورين يقرأ الفاتحة في صلاته عند المصنف خلافاً للرافعي فإنه قال: ينتقل إلى الأذكار، وَتَحِلُّ أذْكَارُهُ لاَ بِقصْدِ قُرْآنٍ (¬186)، لعدم الإخلال
¬__________
(¬184) النساء / 43: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا}.
(¬185) لقوله تعالى: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء / 43] والجُنُبُ: هو غير الطاهر من إنزال أو مجاوزة ختان. والعبور: هو المَرور في المسجد. وسبب ورود النهي يدل بقصته على إرادة التحريم؛ أن سبب الآية؛ أنَّ قوماً من الأنصار كانت أبواب دورهم شارعة في المسجد؛ فإذا أصاب أحدهم جنابة اضطرَّ إلى المرور في المسجد. قال القرطبي: وهذا صحيح؛ يُعضده ما رواه أبو داود عن جَسْرَة بنت دحاجة قالت: سمعت عاشة رضي الله عنها تقول: جَاءَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَوُجُوهُ بُيُوتِ أَصْحَابهِ مًشْرَعَةٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: [وَجِّهُواْ هَذِهِ الْبُيُوت عَنِ الْمَسْجدِ]، ثُمَّ دَخَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وَلَمْ يَصْنَعِ الْقَوْمُ شَيْئاً رَجَاءَ أَنْ تَنْزِلَ لَهُمْ رُخصَةٌ فَخَرَجَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْهِمْ فَقَالَ: [وَجِّهُواْ هَذِهِ الْبُيُوتَ عَنِ الْمَسْجِدِ؛ فَإِنِّي لاَ أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلاَ جُنُبٍ]. سنن أبي داود: كتاب الطهارة: باب في الجنب يدخل المسجد: الحديث (232) وإسناده صحيح؛ وينظر الجامع لأحكام القرآن: ج 5 ص 207.
(¬186) قال النووي: يُفهم منه مسألة نفيسة؛ أنه إذا أتى به ولم يقصِد به قرآناً ولا ذكراً حَلَّ؛ =

الصفحة 115