كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 1)
يَتَيَمَّمُ الْمُحْدِثُ، بالإِجماع، وَالْجُنُبُ، لقصة عَمَّارِ التي في الصحيح (¬232)، والحائض والنفساء في معناه، وكذا المأمور بغسل مسنون وكذا المَيِّتُ يُوَمَّمُ، والمأمور بوضوء مستحب يظهر استحباب التيمم له، ولا يقاس على تجديد الوضوء.
لأَسْبَابٍ أَحَدُهَا: فَقْدُ الْمَاءِ، لقوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (¬233) قال الرافعي: والمبيح هو العجز (¬234) فقط، نعم له أسباب، قال: ويكفي في ذلك الظَّنُّ، فَإِنْ تَيَقَّنَ الْمُسَافِرُ فَقْدَهُ؛ تَيَمَّمَ بِلَا طَلَبٍ، لأن طلب ما عُلم عدمُهُ عبثٌ، وَإِنْ تَوَهَّمَهُ؛ طَلَبَهُ، أي وجوبًا، والمقيم في الطلب كالمسافر وإن اختلفا في كيفيته، والنَّفيد إنما أتى به للغالب، مِنْ رَحْلِهِ، أي وهو منزله، وَرُفْقَتِهِ، وَنَظَرَ حَوَالَيْهِ إِنْ كَانَ بِمُسْتَوٍ، من الأرض فينظر الجهات الأربع، فَإنِ احْتَاجَ إِلَى تَرَدُّدٍ، أي بأن كان هناك وهدة أو حبل ونحوهما، تَرَدَّدَ قَدْرَ نَظَرِهِ، أي القدر الَّذي يصل إليه نظره
¬__________
= الشرعى؛ إذا كان المقصود به القُربة. ويممت المريض، فتيمم للصلاة. ينظر: الجامع لأحكام القرأن: ج 5 ص 231 - 232. وفتح الباري شرح صحيح البخاري: ج 1 ص 569. أما فرضه فمختلف فيه، وربما كان بعد سنة ست، وفيه تفصيل يطول الوقوف عنده وليس بمراد هنا.
(¬232) عن عمار بن ياسر - رضي الله عنه -؛ قال: بَعَثَنِي النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَاجَةِ؛ فَأَجْنَبْتُ؛ وَلَمْ أَجِدِ الْمَاءَ؛ فَتَمَرَّغْتُ فِي الصَّعِيدِ كَمَا تَمَرَّغُ الدَّابَّةُ، ثُمَّ أَتَيتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: [إِنَّمَا يَكْفِيكَ أَنْ تَضْرِبَ بِيَدِكَ هَكَذَا، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ الأَرْضَ ضَربَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ مَسَحِ الشِّمَالَ عَلَى اليَمِينِ وَظَاهِرَ كَفَّيْهِ وَوَجْهِهِ. وفي رواية: وَضَرَبَ بيَدَيْهِ الأَرْضَ، وَنَفَخَ فِيهِمَا، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفيِّهِ. رواه البخاري في الصحيح: كتاب التيمم: باب التيمم ضربة: الحديث (347) والحديث (338). ومسلم في الصحيح: باب التيمم: الحديث (110/ 368) والحديث (111/ 368).
(¬233) النساء / 43؛ أو آية التيمم: المائدة / 6: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
(¬234) يراد بالعجز؛ العجز عن استعمال الماء وهو موجود، وللعجز أسباب. كما في الذي شُجَّ رأسه في حديث ابن عباس وسيأتي إن شاء الله.