كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 1)

الثَّانِي: أَنْ يَحْتَاجَ إِلَيْهِ لِعَطَشِ مُحْتَرَمٍ وَلَوْ مَآلاً، أي ولو في المستقبل؛ لأن الروح لا بدل لها، بخلاف الوضوء (¬240).
الثَّالِثُ: مَرَضٌ يَخَافُ مَعَهُ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ عَلَى مَنْفَعَةِ عُضْوٍ، لعموم قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى ... } (¬241) الآية، ولو خاف ولم يجد طبيبًا ثقة مسلمًا تَيَمَّمَ وأعادَ إذا وجد المخبر، قاله البغوي في فتاويه، وخالف أبو علي السبخي وأقرَّةُ في الروضة، وَكَذَا بَطْءُ الْبُرْءِ، أي طول المدة (¬242)، أَوْ الشَّيْنُ الْفَاحِشُ في عُضْوٍ ظَاهِرٍ فِي الأَظْهَرِ، لأن ضَرَرَهُ فوق زيادة ثمن المثل، والثاني: لا، لانتفاء زيادة التلف، واحترز بالفاحش عن اليسير؛ وبالظاهر عن الفاحش الباطن؛ واستشكل ذلك الشيخ عز الدين بن عبد السلام قال: لا سيما إذا كان في جارية أو مملوك؛ فإن الخسران فيه أكثر من الخسران الحاصل من شراء الماء بزيادة على ثمن المثل حقيرة، وَالشَّيْنُ: هو الأثرُ المنكرُ من تغير لونٍ أو نحولِ وَاسْتِحْشَافٍ (•) وثغرة تبقى ولحمة تزيد، قاله الرافعي في آخر الديات، والمراد بالظاهر: هو ما يبدو عند المهنة غالبًا كالوجه واليدين، وَشِدَّةُ الْبَرْدِ
¬__________
(¬240) لما جاء في حديث عمران بن حصين - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: [اشْرَبُواْ وَاسْتَقُواْ فَاسْتَقَى مَنْ شَاءَ وَشرِبَ مَنْ شَاءَ، قَالَ: وَكَانَ آخِرَ ذَلِكَ أَنْ أَعْطَى الَّذِي أصَابَتْهُ الْجَنَابَةُ إِنَاءً مِنْ مَاءٍ فَقَال: [اذْهَبْ فَأَفْرِغْهُ عَلَيكَ]. البيهقي في السنن: الحديث (1076).
(¬241) النساء / 43 والمائدة / 6.
(¬242) لما جاء موقوفًا عن ابن عباس، وهو مرفوع حكمًا؛ في تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أوْ عَلَى سَفَرٍ] قال: [إذا كان بالرجل الجراحة في سبيل الله والقروح أو الجدري فيجنب، فيخاف إن اغتسل أن يموت فليتيمم] رواه ابن الجارود في المنتقى: الحديث (129). وإسناده صحيح موقوف على ابن عباس، وهو مرفوعٌ حكمًا، فإسناده حسن كما قال الشربيني في مغني المحتاج: ج 1 ص 93. ورواه البيهقي في المعرفة والآثار: الحديث (341 و 342) وفي السنن الكبرى: الحديث (1096).
(•) الْحَشْفُ: الْخُبْزُ اليَّابِسُ؛ وَالضَّرْعُ الْبَالِي، وَالْحَشَفَةُ: محركةٌ: ما فوق الختان. وَقَرْحَةٌ تَخْرُجُ بِحَلْقِ الإِنْسَانِ وَالبَعِيْرِ. وَاسْتَحْشَفَتِ الأُذْنُ وَالضَّرْعُ: يَبِسَتْ وَتَقَلَّصَتْ. القاموس المحيط للفيروزآبادي: (ح ش ف).

الصفحة 136