كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 3)
كتَابُ الرَّجْعَةِ
الرَّجْعَةُ بِفَتْحِ الرَّاءِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ، وَقَالَ الأَزْهَرِيُّ: الْكَسْرُ أَكْثَرُ، وَهِىَ فِي اللُّغَةِ الْمَرَّةُ مِنَ الرُّجُوعِ، وَفِى الشَّرْعِ الرَّدُّ إِلَى النِّكَاحِ بَعْدَ طَلاَقٍ غَيْرِ بَائِنٍ. وَالأَصْلُ فِيْهَا قَبْلَ الإِجْمَاعِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} أَيْ فِي الْعِدَّةِ {إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} (¬43) أَيْ رَجْعَةً قَالَهُ الشَّافِعِيُّ، وَطَلَّقَ - صلى الله عليه وسلم - حَفْصَةَ ثُمَّ رَاجَعَهَا كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (¬44).
شَرْطُ الْمُرْتَجِع أَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ بِنَفْسِهِ، أي لأنها إنشاء نكاح فلا تصح رجعة صبي ولا مجنون لأنهما أهل للنكاح بوليهما لا بأنفسهما، ويدخل فيه السكران فإنه تصح رجعته على المذهب، والعبد فإنه تصح رجعته بغير إذن سيده على الصحيح، والسفيه، فإنَّهما من أهل النكاح بأنفسهما وإن كان يشترط إذن المولى والولي، وليس للمرتد الرجعة كابتداء النكاح.
¬__________
(¬43) البقرة / 228: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.
(¬44) عن ابن عباس - رضي الله عنهما -؛ عن عمر - رضي الله عنه -؛ (أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - طَلَّقَ حَفْصَةَ ثُمَّ رَاجَعَهَا). رواه أبو داود في السنن: كتاب الطلاق: باب في المراجعة: الحديث (2283). والنسائى في السنن: كتاب الطلاق: باب الرجعة: ج 6 ص 213. وابن ماجه في السنن: كتاب الطلاق: الحديث (2016).