كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 3)
فَرْعٌ: نقل الرافعي عن فتاوي القفال: أن المعتدة لو أسقطت مؤنة السكنى عن الزوج لم يصح الإسقاط، لأن السكنى تجب يومًا فيومًا، ولا يصح إسقاط ما لم يجب.
وَتُسْكَنُ فِي مَسْكَنٍ كَانَتْ تَسْكُنُ فِيْهِ عِنْدَ الْفُرْقَةِ، أي إذا كان يليق بها حال الطلاق، وأمكن بقاؤها فيه، لكونه ملكًا للزوج أو مستأجرًا معه أو مستعارًا لقوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ} وهو حق لله تعالى لا يسقط بالتراضي، وَلَيْسَ لِزَوْجٍ وَغَيْرِهِ إِخْرَاجُهَا، وَلَا لَهَا خُرُوجٌ، لقوله تعالى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ} (¬115)، نعم: لو كان الطلاق رجعيًا، ففي الحاوي والمهذب: أن للزوج أن يُسكنها حيث شاء؛ لأنها في حكم الزوجات، وفي النهاية: أنها في ذلك كالبائن وهو نصه في الأم، كما أفاده صاحب المطلب، ومقتضى إطلاق المصنف غيره، ويظهر ترجيح هذا؛ لأنه لا يجوز الخلوة بها فضلًا عن الاستمتاع، فليست كالزوجات، قُلْتُ: وَلَهَا الْخُرُوْجُ فِي عِدّةِ وَفَاةٍ، وَكَذَا بَائِنٍ فِي النَّهَارِ لِشِرَاءِ طَعَامٍ وَغَزْلٍ وَنَحْوِهِ، دفعًا لحاجتها (¬116)، وخرج بالنهار، لا بالليل لأنه مظنة الفساد.
فَرْعٌ: الموطوءة بشبهة أو نكاح فاسد كالمتوفى عنها، قاله في التتمة؛ إلا الحامل إذا قلنا لها النفقة فتمنع من الخروج.
وَكَذَا لَيْلًا إِلَى دَارِ جَارَةٍ لَغَزْلٍ وَحَدِيْثٍ وَنَحْوِهِمَا، بِشَرْطِ أَنْ تَرْجِعَ وَتَبِيْتَ
¬__________
(¬115) الطلاق / 1.
(¬116) عن جابر - رضي الله عنه -؛ قال: طُلِّقَتْ خَالَتِي ثَلَاثًا، فَخَرَجَتْ تَجُدُّ نَخْلًا (تقطع ثمار النخل) فَلَقِيَهَا رَجُلٌ فَنَهَاهَا! ! فَأَتَتِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -؛ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ؟ فَقَالَ: [اخْرُجِي فَجُدِّي، فَلَعَلَّكِ أَنْ تَصَدَّقِي أَوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفًا]. رواه مسلم في الصحيح: كتاب الطلاق: باب جواز خروج المعتدة البائن والمتوفى عنها زوجها: الحديث (55/ 1483). ورواه البخاري في الأُم: كتاب الطلاق: باب مقام المتوفى عنها والمطلقة: ج 5 ص 227. والبيهقي في السنن الكبرى: كتاب العدد: الحديث (15924)، وقال: قَالَ الشَّافِعِيُّ -رَحِمَهُ الله-: نَخْلُ الأَنْصَارِ قَرِيْبٌ مِنْ مَنَازِلهِمْ. وَالْحِدَادُ إِنَّمَا يَكُونُ نَهَارًا.
الصفحة 1446
1906