كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 3)
فِي بِيْتِهَا، أما المتوفى عنها زوجها فلحديث مرسل (¬117)، وأما البائن فقياسًا عليها، وفي البائن قول قديم: أنه ليس لها الخروج لعموم الآية، وخرج بالمتوفى عنها وبالبائن الرجعية فإنه لا يجوز لها الخروج إلا بإذنه لأنها زوجة فَعَلَيْهِ القيام بكفايتها، وَتَنْتَقِلَ مِنَ الْمَسْكَنِ لِخَوْفٍ مِنْ هَدْمٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ عَلَى نَفْسِهَا، أي من اللصوص أو قوم فسقة للضرورة الداعية إلى ذلك، أوْ تَأَذَّتْ بِالْجِيْرَانِ أَوْ هُمْ بِهَا أذَىً شَدِيْدًا، وَالله أَعْلَمُ، إزالة للضرر. قال تعالى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (¬118) والفاحشة مفسَّرة بالبذاءة، إما على الأحماء أو غيرهم، وإضافة البيوت إليهن من جهة أنها سكناهن.
وَلَوِ انْتَقَلَتْ إِلَى مَسْكَنٍ، بِإِذْنِ الزَّوْجِ فَوَجَبَتِ الْعِدَّةُ قَبْلَ وُصُولِهَا إِلِيْهِ اعْتَدَّتْ فِيْهِ عَلَى النَّصِّ، أي في الأُم؛ لأنها مأمورة بالمقام فيه ممنوعة من الأول، ومقابل هذا النص ثلاثة أوجه؛ أحدها: أنه تعتد في الأول؛ لأنها لم تحصل قبل الفراق في مسكن آخر، والثاني: تعتد في أقربهما إليها، والثالث: تتخير بينهما لأنها غير مستقرة في واحد منهما، ولها تعلق بكل واحد منهما، والاعتبار بالانتقال ببدنها لا بالأمتعة والخدم، وعكس أبو حنيفة.
أوْ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَفِي الأَوَّلِ، لعصيانها بذلك ووجوب العود إلى الأول، وَكَذَا لَوْ أَذِن ثُمَّ وَجَبَت، أي العدة، قَبْلَ الخُرُوج، لأنه المنزل الذي وَجَبَتْ فيه العدة، وَلَوْ أَذِنَ فِي الإِنْتِقَالِ إِلَى بَلَدٍ فَكَمَسْكَنٍ، أي فيما سبق كما قررناه، أَوْ فِي سَفَرِ حَجٍّ أَوْ تِجَارَةٍ ثُمَّ وَجَبَتْ فِي الطَّرِيْقِ فَلَهَا الرُّجُوْعُ وَالْمُضِيُّ، لأن في قطعها عن السفر
¬__________
(¬117) عن مجاهد؛ قال: اسْتُشْهِدَ رِجِالٌ يَوْمَ أُحُدٍ؛ فَآمَ نِسَاؤُهُمْ، وَكُنَّ مُتَجَاوِرَاتٌ فِي دَارٍ، فَجِئْنَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْنَ: يَا رَسُولَ الله! إِنَّا نَسْتَوْحِشُ بِاللَّيْلِ، فَنَبِيْتُ عِنْدَ إِحْدَانَا؛ فَإِذَا أَصْبَحْنَا تَبَدَّرْنَا إِلَى بُيُوتِنَا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: [تَحَدَّثْنَ عِنْدَ إِحْدَاكُنَّ مَا بَدَا لَكُنَّ؛ فَإِذَا أرَدْتُنَّ النَّوْمَ فَلْتَؤُبْ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ إِلَى بَيْتِهَا]. رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب العدد: باب كيفية سكنى المطلقة: الحديث (15925).
(¬118) الطلاق / 1.
الصفحة 1447
1906