كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 3)

فَإن كَانَ مَسْكَنُ النِّكَاحِ نَفِيْسًا فَلَهُ النَّقْلُ إِلَى لَائِقٍ بِهَا، لأن ذلك هو المستحق، أَوْ خَسِّيْسًا فَلَهَا الإمْتنَاعُ، لأن ذلك حقٌّ لها، ورعاية الأقرب في مسكن النكاح واجبة، هذا ظاهر كلامهم واستبعده الغزالي ورأى رده إلى الإستحباب.
فَصْلٌ: وَلَيْسَ لَهُ مُسَاكَنَتُهَا وَلَا مُدَاخَلَتُهَا، لقوله تعالى: {وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} (¬119) أي في المسكن وفرارًا من الخلوة المحرمة، فَإِنْ كَانَ فِي الدَّارِ مَحْرَمٌ لَهَا مُمَيِّزٌ ذَكَرٌ أَوْ لَهُ أُنْثَى أَوْ زَوْجَةٌ أُخْرَى أوْ أَمَةٌ أوِ امْرَأةٌ أجَنَبِيَّةٌ جَازَ، لانتفاء المحذور، لكنه مكروه لاحتمال النظر، ولا عبرة بِالْمَجْنُونِ والصغير الذي لا يميز، واشترط الشافعي البلوغ، لأن من لا يبلغ لا تكليف عليه، فلا يلزمه إنكار الفاحشة، وقال الشيخ أبو حامد: يكفي عندي حضور المراهق، ورآه الإمام أظهر، وقوله (ذَكَرٌ) يعطي أنه لا يكفي أختها ولا عمتها ولا خالتها، وقد صحح هو في أصل الروضة: أنه يكفي حضور المرأة الواحدة الثقة، وقال في حكاية عن الأصحاب: إنه يجوز أن يخلو رجل بامرأتين ثقتين فأكثر لا بواحدة، وإن كان معه رجل آخر، ولا يخفى أن مساكنة الزوج والمحرم ومن في معناه إنما يُفرض إذا كان في الدار زيادة على سكنى مثلها، فإن لم يكن كذلك فعلى الزوج تخليتها للمعتدة والانتقال عنها.
وَلَوْ كَانَ فِي الدَّارِ حُجَرَةٌ فَسَكَنَهَا أَحَدُهُمَا وَالآخَرُ الأُخْرَى، فَإِنِ اتَّحَدَتِ الْمَرَافِقُ كَمَطْبَخٍ وَمُسْتَرَاحٍ اشْتُرِطَ مَحْرَمٌ، وِإلا فَلَا، لأن التوافق على المرافق يفضي إلى الخلوة (¬120)، قاله في الكفاية؛ وصرح القاضي والروياني في الأُولى بأنه
¬__________
(¬119) الطلاق / 6.
(¬120) لحديث ابن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: [لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلّاَ وَمَعَهَا مَحْرَمٌ]. رواه البخاري في الصحيح: كتاب جزاء الصيد: باب حج النساء: الحديث (1862). وبلفظ آخر وسند في كتاب الجهاد والسير: الحديث (3006) ولفظه: [لَا يَخلْوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ، وَلَا تُسَافِرُ امْرَأَةٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ].

الصفحة 1450