كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)

أو بأن يتولاهما بنفسه، أو بغيره، لأنها في حبسه فيجب مؤنتها، قال الرافعي: فعلى هذا عليه مؤنة طبخ اللحم وما يطبخ به، والثاني: لا يلزم كالكفارة، والثالث: إن كانت من أهل القرى الذين عادتهم الطحن والخبز بأنفسهم فلا، وإلّا فنعم، وبه قال الماوردي.
وَلَو طَلَبَ أَحَدُهُمَا بَدَلَ الحب لَم يُجبَرِ المُمتَنِعُ، لأنه خلافُ الواجب، فَإنِ اعتاضَت، أي دراهم ودنانير أو ثيابًا ونحوهما، جَازَ فِي الأصَح، لأنه طعام مستقر فِي الذمة لمعيَّن، فجاز أخذ العوض عنه كالقرض، والثاني: لا؛ كطعام الكفارة، إِلا خُبزًا أوْ دَقِيْقًا عَلَى المَذهَبِ، حذرًا من الربا، وقطع البغوي: بالجواز، لأنها تستحق الحب وإصلاحه، وقد فعله وصححه صاحب المعين، ومحل الخلاف إذا اعتاضت عن النفقة الماضية دون المستقبلةِ، وما إذا اعتاضت من الزوج، فأما غيره فلا قطعًا.
وَلَو أَكَلَت مَعَهُ عَلَى العَادَةِ سَقَطَت نَفَقتهَا فِي الأصَح، لجريان الناس عليه في الأمصار، واكتفاء الزوجات به، والثاني: لا، لأنه لم يؤدِ الواحب وتطوع بغيره وهذا هو القياس، قال مجلّي: وهذا إذا لم ترض بذلك عوضًا، فإن رضيت به سقطت قطعًا. قُلتُ: إِلا أَن تَكُون غَيرَ رَشيدَة، وَلَم يَأذَن وَليهَا، وَالله أعلَمُ، أي فإن نفقتها باقية قطعًا، فإن أذن فهو محل الخلاف، لكن قبض الصغيرة غير مُعتد به، وإن أذن الولي؛ اللهم إلا أن يجعل الزوج كالوكيل في شراء الطعام وإنفاقه عليها.
ويجِبُ أدْمُ غَالِبِ البَلَدِ كَزَيتٍ؛ وَسَمْنٍ؛ وَجُبْن؛ وَتمْرٍ، لأنه من المعاشرة بالمعروف، ويخْتَلِفُ بِالفُصُولِ، أي فقد تغلب (•) الفواكه في أوقاتها فيجب، ويقَدرُهُ قَاض بِاجتِهَادِهِ، ويفَاوِتُ بَين مُوْسرٍ وَغَيرِهِ، ووقع في كلام الشافعي تقدوره بِمَكيلَةِ سمن أو زيت وهو تقريب، وَلَحم يَلِيقُ بِيَسَارِهِ واِعْسَارِهِ كَعَادَةِ البلَدِ، لأنه من جنس ما يؤتدم به، وَلَو كانَت تأكُلُ الخبز وَحدَهُ وَجَبَ الأدمُ، أي فلا يسقط حقها منه كما لا يسقط حقها من الطعام بأن تأكل بعضه.
¬__________
(•) في النسخة (1): تطلب.

الصفحة 1477