كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)

جعلناه للحمل أو للحامل، فَإذَا ظَهَرَ وَجَبَ يَوْمًا بِيَوْمٍ، للآية السالفة، وَقِيلَ: حَتَّى تَضَعَ, لأن الأصل البراءة إلى أن يتيقن السبب، وبناه بعضهم على أن الحمل يعلم أم لا؟ وهذا قولٌ لا وجه، وَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ عَلَى الْمَذْهَبِ, لأن المرأة مستحقة لها، وانتفاعها بها أكثر من انتفاع العمل، فكان كنفقة الزوجة، ولذلك قلنا؛ إنها مقدرة، والطريق الثاني: البناء على الخلاف في أن النفقة لها أو للحمل، فإن قلنا بالأول لم يسقط كنفقة الزوجة, وإن قلنا بالثاني: سقطت كنفقة القريب.
فَصْلٌ: أَعْسَرَ بِهَا، أي بالنفقة، فَاِن صَبَرَتْ صَارَتْ دَينًا عَلَيهِ، وإن لم يفرضها القاضي، وَإِلَّا فَلَهَا الْفَسْخُ عَلَى الأظْهَرِ، لقوله تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (¬134)، والثاني: لا فسخ لها, لأن المعسر مُنْظَرٌ، ولا فسخ النفقة مدةٍ ماضيةٍ على الأصح، وَالأصَحُّ أَن لا فَسْخَ بِمَنْع مُوْسِرٍ حَضَرَ أَوْ غَابَ، لقدرته، والثاني: لا، لتضررها. وصححه جماعة في الثَّانية، ولو كان له مال ظاهر أنفق السلطان منه، وليس ذلك موضع الخلاف، وكذا لو قَدَرَتْ على شيء من ماله، وأجرى في أصل الروضة فيه الخلاف، والذي في الرافعي الجزم بنفي الخلاف كما ذكرته، والخلاف لا وجه له فإنها تصلُ إلى حقها, ولو جَهِلْنَا (•) يساره وإعساره، لا فسخ به أَيضًا على الأصح، وبه جزم الرافعي, لأن السبب لم يتحقق.
وَلَوْ حَضَرَ وَغَابَ مَالُهُ، فإِن كَان بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ فَلَهَا الْفَسْخُ، أي ولا يلزمها الصبر، وِإلَّا، أي وإن كان على دونها، فَلَا، أي لا فسخ لها، ويؤمَرُ، بتعجيل، بِالإِحْضَارِ، وَلَوْ تَبَرَّعَ رَجُلٌ بِهَا، أي بالنفقة، لَمْ يَلْزَمْهَا الْقَبُوْلُ، للمنة، اللهمَّ إلّا أن يكون المتبرع أصلًا والزوج تحت حجره، نعم: إن سَلَّمَ المتبرع النفقة إلى الزوج، وسَلَّمَ هو إليها، فلا فسخ لها لانتفائها، ذكره الخوارزمي في كافيه، وَقُدْرَتُهُ عَلَى الْكسْبِ كَالْمَالِ, لأنه ليس عليه أن يدَّخِر للمستقبل، نعم: لو كان يكتسب بآلات
¬__________
(¬134) البقرة / 229.
(•) في النسخة (1): وَجَهْلُنَا، بدل وَلَوْ جَهِلْنَا.

الصفحة 1486