كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)

إِذْنِهِ في اقْتِرَاض لِغَيْبَةِ أَوْ مَنْع، أي فإنَّها تصير دَينًا في الذمة لتأكد ذلك بفرض القاضي واذنه فيه، كذا جزم به المصنف في القرض تبعًا للرافعي، وهو تبِعَ الغزالي، وهو ممنوع بحثًا ونقلًا كما أوضحته في الأصل فراجعه منه.
فَصل: وَعَلَيهَا، أي وعلى الأم، إِرْضَاعُ وَلَدِهَا اللبأ، لأنَّ الولد لا يعيش غالبًا إلَّا به، وهو اللبن أول النتاج ومدته يسيرة، ثم بَعْدَهُ، أي بعد إرضاعه اللباء، إِن لَم يُوْجَدْ إلَّا هي أَوْ أَجْنَبِية وَجَبَ إِرضَاعُهُ، أي عليهما إبقاءً له، وَإِن وُجدَتَا لَم تجبَرِ الأم، كالإنفاق عليه، فإن رَغِبَتْ، أي في إرضاعه، وَهِيَ مَنْكُوحَةُ أَبِيهِ، أي أب الرضيع وكانت مطاوعة، فَلَهُ مَنْعُهَا في الأصَح، لأنَّه يستحق الاستمتاع بها في وقت الإرضاع، نعم: يكره له المنع. قُلْتُ: الأصَح لَيسَ لَهُ مَنْعُهَا، وَصَحَّحَهُ الأكْثَرُوْن، وَالله أَعلَمُ، لأنَّ فيه إضرارًا بالولد، ووقع في الكفاية نقل الأول عن الجمهور أيضًا، ولعلّه سبق قلم، فَإنِ اتفَقَا وَطَلَبَت من أجْرَةَ مِثل أُجِيبَت، لوفور شفقتها، أو فَوقَهَا فَلَا، لتضرره، وَكَذَا إن تبرعَت أجنبية أوْ رَضِيَتْ بِأقَل، أي من أجرة المثل، في الأظْهَرِ، لقوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} (¬137)، والثاني: أن الأم تُجاب لما سلف.
فَصل: وَمَن استَوَى فَرْعَاهُ، أي في القرب والوراثة أو عدمهما، أَنفَقَا، أي بالسوية، مثاله: ابنان أو بنتان، وإلا، أي وإن اختلفا في شيء من ذلك، فَالأصَح أَقْرَبَهُمَا، لأنَّه أولى بالاعتبار، فَإنِ اسْتَوَى، أي في القرب، فَبالإرْثِ لِي الأصَحِّ، لِقُوتِهِ، والثاني: لا، لأنَّ الإرث غير مرعي هنا، وَالثاني: بِالإرْثِ ثُمَّ القربِ، هذا مقابل قوله أولًا: (فَالأصَح أَقربهما) وينبغي إبدال الأصح بالمذهب كما عبر به عنه في الروضة تبعًا للرافعي، وكما في المُحَرر أيضًا.
وَالوارثانِ يَسْتَوِيَانِ أَمْ يُوَزَّعُ بِحَسْبِهِ؟ أي بحسب الإرث، وَجْهَانِ! وجه الأول؛ اشتراكهما في أصل الوراثة، ووجه الثَّاني؛ إشعار زيادة الإرث بزيادة قوة
¬__________
(¬137) البقرة / 233.

الصفحة 1490