كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)

الحركة، فإن كان يباشر الكفالة بنفسه فكذلك، وإن باشرها غيره وهو يدبر الأمور لم يكن مانعًا.
فَإن كَمُلَت نَاقِصَة أوْ طُلِّقَت مَنْكُوحَة حَضَنَت، لزوال المانع، فإن غَابَتِ الأُمُّ أوِ امْتَنَعَتْ فَلِلْجَدَّةِ عَلَى الصَّحِيح، كما لو ماتت أو جُنّت، والثاني: ينتقل إلى الأب، والثالث: إلى السلطان لبقاء أهلية الأم كما لو غاب الولي في النكاح أو عضل؛ يزوج السلطان؛ لَا الأبعد.
فَرْعٌ: لو رضي الأب أن يكون عند الأم، وقد تزوجت؛ فلا حق للجدة على الصَّحيح؛ قاله البغوي والخوارزمي وهو غريب، كما قال في المطلب: إذ كيف يسقط حق الشخص برضى غيره؛ لكنَّه صححه في كفايته.
هَذا كُلُّهُ في غَيرِ مُمَيِّزٍ، وَالمُمَيِّزُ إِنِ افترق أبوَاهُ كان عِنْدَ مَنِ اختَار مِنْهُمَا، لأنَّه -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- خير غلامًا بين أبيه وأمه كما حسّنه التِّرمذيُّ (¬140)، فَإن كان في أَحَدِهِمَا جُنُونٌ أو كُفْرٌ أو رِقٌّ أَوْ فِسقٌ أو نكحت فَالحَقُّ لِلآخَرِ، لوحود المانع به.
ويخيرُ بَينَ أَمّ وَجَدّ؛ أي عند فقد الأب لأنَّه بِمَنْزِلَتِهِ، وَكذا أخ أو عَم أو أبِ مَعَ أخْتٍ أو خَالَةِ في الأصَح، لما رَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ عِمَارَةَ الجُرمي قَالَ: (خَيَّرَنِي عَلِيُّ - رضي الله عنه - بينَ أُمِّي وَعَمِّي؛ وَكُنْتُ ابنَ سَبْع سِنْيِنَ، أَوْ ثَمَانِي سِنِيْنَ) (¬141)، والثاني: لا، بل الأم أحق لقربها وولادتها كما قبل التمييز، فإنِ اخْتَارَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ الآخَرَ حُوِّلَ اِليهِ، لأنَّه قد يبدو له الأمر على خلاف ما ظنه، نعم: لو كثر التردد بحيث
¬__________
(¬140) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -؛ [أنَّ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - خيَّرَ غُلَامًا بَينَ أبِيْه وَأمِّهِ] رواه الترمذي في الجامع: كتاب الأحكام: باب ما جاء في تخيير الغلام: الحديث (1357). وأبو داود في السنن: كتاب الطلاق: باب من أحق بالولد: الحديث (2277). وابن ماجه في السنن: كتاب الأحكام: الحديث (2351). وقال التِّرمذيُّ: حديث أبي هريرة حسن صحيح.
(¬141) رواه الشَّافعي في الأم: النفقات: باب أي الوالدين أحق بالولد: ج 5 ص 92.

الصفحة 1495