كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)

لترعى وتَرِدُ الماء إن كانت ممن ترعى وتجتزئ به، ويطرد ذلك في كل حيوان محترم، وقد عُذِّبَت امرأة في هِرَّةٍ أمسكتها حتى ماتت جوعًا كما أخرجه الشيخان في صحيحيهما (¬146)، والعَلْفُ بفتح اللام مطعوم الدواب، وبإسكانها المصدر، ويجوز هنا الأمران، وبالإسكان ضبطه المصنف كما رأيته بخطه.
فَإِنِ امْتَنَعَ أُجْبِرَ فِي الْمَأْكُوْلِ عَلَى بَيْعٍ أَوْ عَلْفٍ، أي بالإسكان كما ضبطه بخطه أيضًا، أَوْ ذَبْحٍ، وَفِي غَيْرِهِ عَلَى بَيْعٍ أَوْ عَلْفٍ، صيانة لها عن الهلاك، فإن لم يفعل ناب الحاكم عنه في ذلك على ما يراه ويقتضيه الحال، وَلَا يَحْلُبُ مَا ضَرَّ وَلَدَهَا، للنهي عنه كما صححه ابن حبان (¬147)، وَمَا لَا رُوْحَ لَهُ كَقَنَاةٍ وَدَارٍ، أي وزرع وثمار، لَا تَجِبُ عِمَارَتُهَا، أي لكن يكره تركها إلى أن تخرب، ولا يُكرَه عمارة الدار وسائر العقار للحاجة، والأَولى ترك الزيادة، وربما قيل يكره، وصح أن الرجل لَيُؤَجَرَ في نفقته كلها إلّا في هذا التراب (¬148)، فقال ابن حبان: معناه؛ لا يؤجَرُ إذا أنفق فيه فضلًا عما يحتاج إليه من البناء، والله أعلم.
¬__________
(¬146) عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-؛ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: [عُذِّبَتِ امْرأَةٌ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا حَتْى مَاتَتْ جُوْعًا؛ فَدَخَلَتْ فِيْهَا النَّارَ] قَالَ؛ فَقَالَ: -وَالله أَعْلَمُ-[لَا أَنْتِ أَطْعَمْتِهَا وَلَا سَقَيْتِهَا حيْنَ حَبَسْتِيْهَا، وَلَا أَنْتِ أَرْسَلْتِهَا فَأَكَلَتْ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ]. رواه البخارى في الصحيح: كتاب المساقاة: فضل سقي الماء: الحديث (2365)، وكتاب بدء الخلق: باب إذا وقع الذباب: الحديث. (3381)، وكتاب أحاديث الأنبياء: الحديث (3482). ومسلم في الصحيح: كتاب البر والصلة: باب تحريم تعذيب الهرة: الحديث (133/ 2242).
(¬147) عن ضِرَارٍ بْنِ الأَزْوَرِ؛ قَالَ: بَعَثَنِي أَهْلِي بِلَقُوحٍ إِلى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَأَمَرَنِي أَنْ أَحْلِبَهَا! فَحَلَبْتُهَا. فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: [دَعْ دَاعِي اللَّبَنِ]. رواه ابن حبان في الإحسان: كتاب الأطعمة: باب الضيافة: الحديث (5259). قال الزمخشري: (أَيْ أَبْقِ فِي الضَّرْعِ بَاقِيًا يَدْعُو مَا فَوْقَهُ مِنَ الَّلبَنِ فَيُنْزلُهُ، وَلَا تَسْتَوْعِبْهُ؛ فَإِنِّهُ إِذَا اسْتَنْفَضَ أَبْطَأَ الدَّرَّ). ينظر: الفائق في غريب الحديث: ج 1 ص 426.
(¬148) عن أبي حازم، قال: أتَيْنَا خبابًا نَعُودُهُ؛ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: [إِنَّ الرَّجُلَ لَيؤْجَرُ فِي نَفَقَتِهِ كُلِّهَا إِلَّا فِي هَذَا التُّرَابِ]. رواه ابن حبان في الإحسان: كتاب الزكاة:

الصفحة 1499