كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)

عليهما؛ لأنهما لم يلجئاه إلى قتله حسًا ولا شرعًا فصار قولهما شرطًا محضًا كالممسك مع القاتل، فعلى الولي حينئذ القِصَاص رجعوا أو لم يرجعوا، وقد ذكر المصنف في كتاب الشهادات ما إذا رجع الولي وحده ومع الشهود، وسيأتي بيانه هناك إن شاء الله تعالى.
وَلَوْ ضَيَّفَ بِمَسْمُومٍ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَمَاتَ وَجَبَ القِصَاصُ، أي سواء قال لهما هو مسموم أم لا؛ لإلْجائهما إليه، ومثله الأعجمي الذى يعتقد وجوب طاعة الآمر؛ قال الرافعي: ولم يفرقرا بين الصبي المميّز وغيره، ولا نظروا إلى أن عَمَدَ الصبي عمد أم خطأ؟ وللنظرين فيه مجال.
أوْ بَالِغًا عَاقِلًا وَلَمْ يَعْلَمْ حَالَ الطَّعَامِ فَدِيَةٌ، أي فلا قصاص؛ لأنه فعل ما يهلك باختياره من غير إلجاء، وَفِي قَوْلٍ قِصَاصٌ؛ لتغريره فأشبه الإكراه، وَفِي قَوْلٍ لَا شَيْءَ، تغليبًا للمباشرة، أما إذا علم حال الطعام فهو المهلك نفسه. وَلَوْ دَسَّ سُمًّا فِي طَعَامِ شَخْصٍ، الْغَالِبُ أَكْلُهُ مِنهُ، فَأَكَلَهُ جَاهِلًا، فَعَلَى الأَقْوَالِ، أي المذكورة لما سلف، ولو دسّه في طعامه فدخل شخص داره بغير إذنه فأكله فلا ضمان.
وَلَوْ تَرَكَ الْمَجْرُوحُ عِلَاجَ جُرْحٍ مُهْلِكٍ فَمَاتَ وَجَبَ القِصَاصُ، أي على الجارح؛ لأن الْبُرْءَ غير موثوق به لو عالج، ومجرد الجراحة مهلكة، وَلَوْ أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ لَا يُعَدُّ مُغْرِقَا كَمُنْبَسِطٍ فَمَكَثَ فِيْهِ مُضْطَجِعًا حَتَّى هَلَكَ فَهَدَرٌ؛ لأنه المهلك نفسه، نعم: لو كَتَّفَهُ وألقاهُ على هيئة لا تمكنه الخلاص؛ فعليه القِصَاص، وقيَّد في أصل الروضة الماء بكونه راكدًا.
فَرْعٌ: الاستلقاءُ كالاضطجاع.
أوْ مُغْرِقٍ لَا يَخلُصُ مِنْهُ إِلَّا سِبَاحَةً، فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْهَا، أوْ كَانَ مَكْتُوفًا؛ أَوْ زَمِنًا فَعَمْدٌ؛ لأن هذا مهلك لمثله، وَإِنْ مَنَعَ مِنْهَا عَارِضٌ كَرِيْحٍ وَمَوْجٍ فَشِبْهُ عَمْدٍ، أي فتجب دية ولا قصاص كما سيأتي، وَإِنْ أَمْكَنَتْهُ، أي السباحة، فترَكَهَا، أي حُزنًا أو لَجَاجًا، فَلَا دِيَةَ فِي الأظْهَرِ؛ لأنه بترك السباحة مُعرض عمَّا ينجيه، والئاني: تجب

الصفحة 1504