كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)

الدية؛ لأنه قد يمنعه من السباحة دهشة أو عارض باطن، أَوْ فِي نَارٍ يُمْكِنُ الخَلَاصُ مِنْهَا فَمَكَثَ فِيْهَا فَفِي الدِّيَّةِ الْقَوْلَانِ، قد عرفتهما بتعليلهما والأظهر وجوبها، وَلَا قِصَاصَ فِي الصُّوْرَتَيْنِ، أي فِي صورة الإلقاء في الماء والنار، وَفِي النَّارِ وَجْهٌ، كما لو جرحه فترك التداوي حتى مات، وفي الماء قول أو وجه أيضًا بالوجوب، واحترز بقوله (يُمْكِنُ الْخَلَاصُ) عما إذا لم يمكن؛ لِعِظَمِها، أو كونها في وهدةٍ، أو كونه مكتوفًا أو زمنًا أو صغيرًا فمات منها، أو خرج منها متأثرًا متألمًا، وبقي متألمًا إلى أن مات؛ فعليه القِصَاص.
فَصْلٌ: وَلَوْ أَمْسَكَهُ فَقَتَلَهُ آخَرٌ، أَوْ حَفَرَ بِئْرًا فَرَدَّاهُ فِيهَا آخَرٌ، أَوْ أَلْقَاهُ مِنْ شَاهِقٍ، أي من مكان عالٍ، فَتَلَقَّاهُ آخَرُ فَقَدَّهُ، أي قطعه نصفين مثلًا، فَالْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ وَالْمُرَدِّي وَالْقَادِّ فَقَطْ، دون. الممسك والحافر والملقي، أما في الأُولى: فلقوله -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-: [إِذَا أمْسَكَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ وَقَتَلَهُ الآخرُ يُقْتَل الَّذِي قَتَلَ وَيُحْبَسُ الَّذِي أَمْسَكَ] رواه البيهقي من حديث ابن عمر بإسناد على شرط الصحيح، ثم صوَّبَ إرساله، وأما ابن القطان فصحح رفعه (¬154). نعم يأثم بالإمساك للقتل ويعزر، وكما لا قصاص لا دية، هذا في الحر، أما لو كان المقتول عبدًا فيطالب الممسك بالضمان باليد والقرار على القاتل، وأما في الثانية: فلأنَّ الحفرَ شرطٌ، وَالْمُرَدِّي سببٌ، وأما في الثالثة: : فلأن فِعْلَهُ قَطَعَ أثرَ السبب الأول.
وَلَوْ أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ مُغْرِقٍ، أي كلجة بحر، فَالْتَقَمَهُ حُوتٌ وَجَبَ الْقِصَاصُ فِي الأَظْهَرِ؛ لأنه رماه في مهلكة وقد هلك به بسبب رميه، ولا نظر إلى جهة الهلاك كما لو ألقاه في بئر مهلكة؛ في أسفلها سكاكين لم يعلم بها الملقي فهلك بها، ويؤخذ من هذا التعليل أن محلَّ الخلاف إذا لم يعلم بالحوت الذي في اللجة، فإن علم به، وجب القِصَاص قطعًا، كما لو ألقاه على أسد في زَبِيَّتِهِ، والثاني: لا يجب؛ لأنه
¬__________
(¬154) رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب الديات: جماع أبواب صفة القتل العمد: باب الرجل يحبس الرجل للآخر: الحديث (16460).

الصفحة 1505