كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)

ووصاياه (¬155)، وَإِلا فَقَاتِلَانِ، أي وإن لم يذفف الثانى أيضًا ومات بسرايتهما، بأن أجافاه، أو قطع الأول يده من الكوع، والثاني من المرفق، فهما قاتلان؛ لأن القطع الأول قد انتشرت سرايته.
فَرْعٌ: لو شك في الانتهاء إلى أحد المذبوحين، عمل بقول أهل الخبرة.
وَلَوْ قَتَلَ مَرِيْضًا فِي النَّزْع وَعَيْشُهُ عَيْشُ مَذْبُوحٍ، وَجَبَ الْقِصَاصُ؛ لأن انتهاء المريض إلى تلك الحالة غير مقطوع به، وقد يُظن به ذلك ثم يشفى، وهذا ما جزم به الإمام فتبعه المصنف، وأما القاضي حسين فقال: مَنْ قتله لا يكون قاتلًا.
فَصْلٌ: قَتَلَ مُسْلِمًا ظَنَّ كُفْرَهُ بدَارِ الْحَرْبِ، لَا قِصَاصَ، أي بأن كان عليه زِيُّ الكفَّارِ أو رآهُ يعظِّمُ آلِهَتهُمْ (•) لا قصاص وما ذكرناه هو ما مثَّل به الرافعي، وهو في الأول قياس ما قرَّرهُ الرافعي في الرِّدَّةَ أنَّ التَّزَيِّ بزيِّهِم رِدَّةٌ؛ لكن رجح في الروضة خلافه، وَكَذَا لَاَ دِيَةً، فِي الأظْهَرِ؛ للجهل، ووضوح العذر فيما فعل هناك، والثاني: تجب الدية؛ لأنها تثبت مع الشبهة، فعلى هذا، هل هى دية عمدٍ أو شبه عمدٍ أم خطأ؟ فيه أوجه حكاها الرافعي تبعًا للوجيز، وقال في الوسيط: إن الأولين قولان، والثاني: وجهٌ، وقد نص الشافعى على الثاني فاستفده، واحترز بقوله (ظَنَّ كُفْرَهُ)
¬__________
(¬155) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ - رضي الله عنه -؛ وَثَبَ عُبَيْدُ اللهِ عَلَى الهُرْمُزَانِ فَقتَلَهُ؛ فَقِيلَ لِعُمَرَ: إِنَّ عُبَيدَ الله بْنَ عُمَر قَتَلَ الهُرْمُزَانَ! فَقَالَ: (وَلمَ قَتَلَهُ؟ ) قَالَ: إنَّهُ قَتَلَ أبِي. قِيْلَ: وَكَيْفَ ذَاكَ؟ قَالَ: رَأَيْتُهُ قَبْلَ ذَلِكَ مُسْتَخْلِيًا بأَبِي لُؤْلُوَةَ وَهُوَ أَمَرَهُ بِقَتْلَ أَبِي، فَقَالَ عُمَرُ: (مَا أَدْرِي مَا هَذَا، انْظُرُوا إِذَا أنَا مِتُّ فَاسْأَلُواْ عُبَيْدَ اللهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الهُرْمُزَانِ هُوَ قَتَلَنِي، فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَدَمُهُ بدَمِي، وَإِنْ لَمْ يُقِمِ الْبَيِّنَةَ فَأَقِيْدُوا عُبَيْدَ اللهِ مِنَ الْهُرمُزَانِ) فَلَمَّا وُلِيَ عُثْمَانُ - رضي الله عنه -؛ قِيْلَ لَهُ: أَلَا تُمْضِي وَصِيَّةَ عُمَرَ - رضي الله عنه - فِي عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ: وَمَن وَليُّ الهُرْمُزَانِ؟ قَالُوا: أَنْتَ يَا أمِيْرَ الْمُؤْمِنِيْنَ، فَقَالَ: قَدْ عَفَوْتُ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ. رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب الجنايات: الأثر (16516).
(•) في النسخة (2): الصَّنَمُ بدل آلِهَتَهُمْ، وفي الهامش رمز الناسخ إلَى نسخة (حـ) آلِهَتَهُمْ.

الصفحة 1509