كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)

عما إذا لم يظنه وفيه تفصيل، فإن عرف مكانه، فكما لو قتله في دار الإسلام، فإن لم يعرف مكانه ورمى سهمًا إلى صف الكفار في دار الحرب، سواء عَلِمَ أن في الدار مسلمًا أم لا، نظرٌ؛ إن لم يعين شخصًا أو عين كافرًا، فأخطأ، وأصاب مسلمًا، فلا قصاص عليه ولا دية، وكذا لو قتله في بَيات أو إغارة ولم يعرفه، وإن عين شخصًا فأصابه فكان مسلمًا فلا قصاص عليه، وفي الدية قولان: قال الرافعي: ويشبه أن يكونا هما القولين فيمن ظنه كافرًا، أَوْ بِدَارِ الإِسْلَامِ وَجَبَا؛ لأن الظاهر من حال مَنْ هو في دار الإسلام العصمة، وَفِي القِصَاصِ قَوْل، أي أنه لا يجب كنا في دار الحرب، أوْ مَنْ عَهِدَهُ مُرْتَدًا، أَوْ ذِمِّيًّا، أَوْ عَبْدًا، أَوْ ظَنِّهُ قَاتِلَ أَبِيْهِ، فَبَان خِلَافُهُ، فَالْمَذهَبُ وُجُوبُ الْقِصَاصِ، اعْلَمْ: أن الشافعي نصَّ على أنه إذا قتل من عهده مرتدًا أو ظن أنه لم يسلم فكان أسلم، أن القِصَاص يجب، ونص فيما لو عهده ذميًا أو عبدًا فقتله ظانًا أنه لم يسلم ولم يعتق فبان خلافه أنه لا قصاص، فقيل في الجميع قولان؛ أحدهما: يحب القِصَاص؛ لأنه كان من حقه التَّثَبُّتُ، والثاني: لا يجب، لِظّنِّهِ عدم الْمُكَافَأَةِ، وقيل بظاهر النص؛ لأن المرتد يحبس ولا يخلى، فقاتله مقصر بخلاف الذمي والعبد، وقيل: يجب القِصَاص في الجميع قطعًا؛ لأن ظنه لا يبيح القتل، والمذهب وجوب القِصَاص في الجميع، وإن أثبتنا الخلاف، كما لو علم تحريم القتل وجهل وجوب القِصَاص، وأما إذا ظنه قاتل أبيه فقتله، فَبَانَ غيره، فإن القِصَاص يجب على أظهر القولين؛ لأنه يلزمه التثبت، ولم يعهده قاتلًا حتى يستصحبه، ولم يذكر في الروضة طريقةً فيه، نَعَمْ؛ ذكرها الرافعي بحثًا فقال: والوجه التسوية بينه وبين ما إذا ظنه مرتدًا أو حربيًا من غير أن يعهده كذلك، ولم يكن كما ظنه، إما في القطع وإما في إثبات القولين، واحترز بقوله (عَهِدَهُ) عما إذا لم يعهد ردته بل ظنها، فإن القِصَاص واجب لا محالة، ولو قتل من ظنه عبدًا أو ذميًا ولم يعهد منه ذلك؛ فحكى الإمام في وجوب القِصَاص قولين أيضًا، وجعل ما إذا عهده كذلك مرتبًا عليهما. وَلَوْ ضَرَبَ مَرِيْضًا جَهِلَ مَرَضَهُ ضَرْبًا يَقتلُ الْمَرِيْضَ، أي دون الصحيح، وَجَبَ القِصَاصُ؛ لأن جهله لا يبيح الضرب وقد حصل القتل بصورة التعدّي، وَقِيْلَ:

الصفحة 1510