كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)

لأنه قتل مورثه، والاعتبار بالمعيَّة والترتيب أيضًا بزهوق الروح لا بالجرح، فإن عفى أحدهما فللمعفوِّ عنه أن يقتصَّ من العافي، وإن لم يعف قدِّم للقصاص من خرجت قرعته وهذا معنى قول المصنف، وَيُقَدَّمُ بِقُرْعَةٍ، إذ لا مَزِيَّةَ لأحدهما على الآخر، فَإِنِ اقْتُصَّ بِهَا، أَوْ مُبَادِرًا، فَلِوَارِثِ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ قَتْلُ الْمُقْتَصِّ، إِن لَمْ نُوَرِّث قَاتِلًا بِحَقٍّ، أو بِلَا حَقٍّ، أي فإن اقتص من خرجت قرعته أو بادر بلا قرعة، فإن قلنا: القاتل بحق لا يحرم الميراث، ولم يكن المقتص محجوبًا، سقط القِصَاص عنه؛ لأنه ورث القِصَاص المستحق على نفسه أو بعضه، وإن قلنا: يحرُمُ، وهو المذهب، أو كان هناك من يحجبه فللوارث المقتص منه أن يقتص من المبادر؛ لثبوته عليه، وَكَذَا إنْ قَتَلَا مُرَتَّبًا، وَلَا زَوْجِيَّةَ، أي وكذا إذا قتلا مرتبًا ولم تكن الزوجية باقية بين الأب والأم؛ فلكل واحد منهما حق القِصَاص، وهل يُقدم بالقرعة أم يقتص من المبتدئ بالقتل؟ وجهان؛ أرجحهما في الروضة الثاني، ونقله الإمام عن الأصحاب، وَإِلا فَعَلَى الثَّانِي فَقَطْ، أي وإن كانت الزوجية باقية بين الأب والأم فلا قصاص على القاتل أولًا، ويجب على القاتل الثاني؛ وذلك لأنه إذا سبق أحدهما إلى قتل الأب لم يرث حق الأب لكونه قاتلًا وكان حق القِصَاص للابن الآخر، وللأم بالزوجية، وإذا قتل الآخر الأمِّ كان الأول هو الذى يرثها فينتقل إليه القِصَاص المستحق عليه ويسقط، ولو تقدم قتل الأم وتأخر قتل الأب سقط القِصَاص عن قاتل الأم وثبت على قاتل الأب فإذا اقتص القاتل الأول من الثاني، وقلنا القاتل بحق يُحرَم الميراث أو كان المقتص محجوبًا فلورثة المقتص منه نصيبه من دية القتيل الأول يطالبون به القاتل الأول.
فَصْلٌ: ويُقْتَلُ الْجَمْعُ بِوَاحِدٍ، أي إذا كان فعل كلٍ منهم لو انفردا لقتل، سواء قتلوه بمثقل أو بمحدد أو بغيرهما لعموم قوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} (¬159) أي بالقِصَاص، وَلأنَّ عُمَرَ - رضي الله عنه - قَتَلَ نَفَرًا خَمْسةً أوْ سَبْعةً بِرَجُلٍ
¬__________
(¬159) الإسراء / 33.

الصفحة 1516