كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)

قَتَلُوهُ غِيْلَةً، وَفَالَ: (لَئِنْ تَمَالأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ بِهِ جَمِيْعًا) رواه مالك (¬160)، وفيه قول: أنهم لا يقتلون به.
وَللْوَليِّ الْعَفْوُ عَنْ بَعْضُهِمْ عَلَى حِصَّتِهِ مِنَ الدِيَّةِ بِاعْتِبَارِ الرُّؤوسِ، توزيعًا عليهم، أما لو ضربه كل واحد ضربة بسوط أو عصى خفيفة فمات، ففي وحوب القِصَاص عليهم وجوه؛ أصحها كما سيأتي الوجوب بأنْ تَوَاطَؤُا.
وَلَا يُقْتَلُ شَرِيْكُ مُخْطِئ وَشِبْهِ عَمْدٍ؛ لأن الزهوق حصل بفعلين أحدهما يوجبه، والآخر ينفيه، فغلب الْمُسْقِطُ كما إذا قتل المبعَّضُ رقيقا، وقال المزني: يُقْتَصُّ مِنْهُمَا، وَيُقْتَلُ شَرَيكُ الأبِ. وَعَبْدٌ شَارَكَ حُرًّا فِي عَبْدٍ، وَذِمِّيٌّ شَارَكَ مُسْلِمًا فِي ذِمِّيٍّ؛ لأن كل واحد من الأجنبي، والعبد، والذمي، لو انفرد بالقتل وجب عليه القِصَاص، فإذا شارك من لا يقتص منه لا لمعنىً في فعلهِ وجبَ أيضًا، كما لو كانا عامدين (•) فعفى الوليُّ عن أحدهما، وليس شريك الأب كشريك الخاطئ، فإن الخطأَ شبهةٌ في فعل الخاطئ، والفعلان مصادفان لمحل واحد، فأورث الخطأ في أحدهما شبهة في القِصَاص، كما لو جرح واحد جراحتين جراحة عمدًا والأخرى خطأً، وشبهة الأبوة في نفس الأب لا في الفعل، وذات الأب تتميز عن ذات الأجنبي فلا تؤثر شُبْهَتُهُ في حقِّه، وَكَذَا شَرِيْكُ حَرْبِيٍّ، أي في قتل مسلم، وَقَاطِعٍ قِصَاصًا، أَوْ حَدًّا، وَشَرِيْكُ النَّفْسِ، وَدَافِع الصَّائِل فِي الأَظْهَرِ؛ لحصول الزهوق بفعلين عمدين، وامتناع القِصَاص على الآخر لمعنى يخصه فصار كشريك الأب، والثاني: لا يجب، بل عليه نصف الدية؛ لأن من لا يضمن أخف حالًا من الخاطئ فأولى أَلّاَ يجبَ على الشريك في هذه الصورة.
¬__________
(¬160) عن سَعيْدٍ بْنِ الْمُسَيَّبِ؛ أنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَتَلَ نَفَرًا خَمْسةً أَوْ سَبْعَةً؛ بِرَجُلٍ وَاحِدٍ قَتَلُوهُ قَتْلَ غَيْلَةٍ. وَقَالَ عُمَرُ: (لَوْ تَمَالأَ عَلَيه أهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ جَمِيْعًا). رواه الإمام مالك في الموطأ: كتاب العقول: باب ما جاء في الغيلة والسحر: ج 2 ص 871.
(•) في النسخة (2): كما إذا كانا عامدين.

الصفحة 1517