كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)

كُل وَاحِدٍ غَيْرُ قَاتِلٍ) عما إذا كان ضرباتُ كل واحدٍ منهم قاتلة لو انفردت، فإن عليهم القِصَاص كما أسلفته، وإذا آل الأمر إلى الدية وزعت على عدد الضربات لا بالسوية على الأظهر؛ لأن الضربات تلاقي ظاهر البدن فلا يعظم فيها التفاوت بخلاف الجراحات.
وَمَنْ قَتلَ جَمعًا مُرَتبًا قُتِلَ بأوَّلهِم؛ لاستحقاقه القِصَاص أولا وللباقين الديات، وكذا لو قطع الواحد أطراف جماعة، أَوْ مَعًا، أي بأن هدم عليهم جدارًا أو جرحهم وماتوا، فَبِالْقُرعَةِ، أي وجوبًا لتساويهم؛ وقيل: استحبابًا، وصححه الروياني، وَللْبَاقِيْنَ الدياتُ.
فَرعٌ: لو أشكلَ الحال فلم يدرِ أَقتْلُهُم كان معًا، أو مرتبًا، جعل كما لو قتلهم معًا؛ فيقرع.
قُلْتُ: فَلَوْ قَتَلَهُ غَيْرُ الأوَّلِ، عَصَى، أي بأن بادر وأقدم على ذلك، ولم يعفُ الأول، ولم يقتص عصى أي ويعزر لإبطال حق غيره، وَوَقَعَ قِصَاصًا؛ لأن حقه متعلق به، بدليل ما لو عفى ولي الأول، فإنه ينتقل إلى من بعده. وَللأولِ دية. وَالله أعلَمُ؛ لتعذر القِصَاص بغير اختياره.
فَصْلٌ: جَرَحَ حَربيًا أَوْ مُرتَدًّا أوْ عَبدَ نَفْسِهِ فَأسلَمَ، أي الحربي والمرتد، وَعَتَقَ، أي العبد، ثُم مَاتَ بِالجرح، فَلَا ضمَان؛ لأن الجراحة والحالة هذه غير مضمونة بالقِصَاص، فالسراية كذلك كقطع يد السارق إذا سرى إلى النفس، وَقِيلَ: تَجِبُ دِيةٌ، اعتبارًا بحالة استقرار الجناية.
ولَوْ رَمَاهُمَا فَأَسْلَمَ وَعَتَقَ، فَلَا قِصَاصَ؛ لعدم المكافأة في أول أجزاء الجناية، وَالْمَذهبُ وُجُوبِ دِيةِ مُسْلِمٍ، اعتبارًا بحالة الإصابة؛ لأنها حالة اتصال الجناية، والرمي كالمقدمة التي يتسَببُ بها إلى الجناية، وعبارة الرافعي في إيراد الخلاف: إن قلنا يجب الضمان في مسألة الحربي، والمرتد إذا أسلم بعد الجرح ثم مات فهنا أولى،

الصفحة 1519