كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 1)

الولد أَيضًا، قلت: ويحرم عليها أيضًا التطهر بقصد رفع الحدث لتلاعبها، فَإِذَا انْقَطَعَ لَمْ يَحِلَّ قَبْلَ الْغُسْلِ غَيْرُ الصَّوْمِ؛ لأن تحريمه بالحيض لا بالحدث بدليل صحته من الجنب والحيض قد زال ووجهه في المباشرة قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ ... } الآية (¬270) وقيل: إنه يورث الجذام في الولد أَيضًا حكاه الغزالي في الاحياء؛ ووجهه فيما عدا المباشرة أن المنع منه لأجل الحدث وهو باق؛ ولو أبدل لفظ الغُسل بالتطهر لكان أعم، وَالطَّلَاقِ، لزوال المعنى المقتضي للتحريم وهو تطويل العدة بسبب الحيض،
وهذا الاستثناء مما زاده على الْمُحَرَّرِ (¬271)؛ واستثنى الرافعي أَيضًا سقوط قضاء الصلاة والمنع من الطهارة، قال في الروضة: وكذا تحريم العبور في المسجد على الأصح إذا قلنا بالوجه الضعيف أنه يحرم وإن أمنت التلويث، ولا يستثنى نكاح المستبرأة فإنه يرتفع أَيضًا بالانقطاع لأن الكلام فيما حرم بالحيض (¬272).
فَصْلٌ: وَالاِسْتِحَاضَةُ حَدَثٌ دَائِمٌ كَسَلَسٍ، فَلَا تَمْنَعُ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ، لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - حَمْنَةَ بهما وكانت مستحاضة رواه الترمذي وصححه (¬273)، فَتَغْسِلُ
¬__________
(¬270) البقرة / 222: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}.
(¬271) في دقائق المنهاج: ص 39؛ قال النووي: فلفظة (طلاق) زيادةٌ حَسَنةٌ، وإن كانت لا تَرِدُ على عبارة اَلْمُحَرَّر.
(¬272) قلت: يُندبُ للواطئ المتعمد المختار العالم بالتحريم في أول الدم وقوته التصدق بمثقال من الذهب الخالص؛ وفي آخر الدم وضعفه بنصف مثقال لورود الخبر في ذلك، عن مقسم عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الذي يأتي امرأته وهي حائض؟ قال [يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفَ دِينَارٍ] رواه الحاكم في المستدرك: الحديث (612/ 167) وإسناده صحيح، قال ابن حجر في تلخيص الحبير: ج 1 ص 175 - 176 إسناده صحيح.
(¬273) عن عِمْرَانَ بنَ طَلْحَةَ عَنْ أُمِّهِ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ؛ قَالَتْ: كُنْتُ أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً كَثِيرَةٌ شَدِيدَةً فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَسْتَفْتِيهِ وَأُخْبِرُهُ. فَوَجَدْتُهُ فِي بَيْتِ أُخْتِي زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ؛
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله؛ إِنِّي أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً كَثِيرَةً شَدِيدَةً؛ فَمَا تَأْمُرُنِي فِيهَا؛ وَقَدْ مَنَعَتنِي الصَّيَامَ وَالصَّلَاةَ؟ قَالَ: [أنْعَتُ لَكِ الْكُرْفُسَ فَإنَّهُ يُذْهِبُ الدَّمَ] قَالَتْ: هُوَ أَكْثَرُ =

الصفحة 152