كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)

وإن قلنا لا يجب هناك فهنا ثلاثة أوجه أصحها، وهو المنصوص: أنه تجب اعتبارًا بحالة الإصابة، والثاني: لا تجب، اعتبارًا بحالة الرمي، والثالث: تجب فِي المرتد دون الحربي؛ لأن المرتد لا يجوز لغير الإمام قتله بخلافه، ويجري الخلاف فيما إذا رمى إلى عبد نفسه ثم أعتقه قبل الإصابة، وأولى بالضمان؛ لأن العبد معصوم مضمون بالكفارة فعبر المصنف عن ذلك بالمذهب. مُخَفْفَةَ عَلَى العَاقِلَةِ، كما لو رمى إلى صيد فأصاب آدميًا، وهذا مما جزم به في الْمُحَرر، وحكى في الشرح فِي الديات فيه ثلاثة أوجه: دية عمد، دية شبهة عمد، دية خطأ، فلك أن تُعِيْدَ قولهُ، والمذهب إلى كونها مُخَفَّفَةً أم لا؟ وهو ظاهر كلامه، ويكون أطلق الطرق على الأوجه مجازًا.
وَلَوِ ارتَدَّ المَجْرُوحُ وَمَاتَ بِالسِّرَايَة، فالنَّفْسُ هدر، أي فلا يجب قصاصها؛ ولا ديتها؛ ولا الكفارة؛ لأن نفسه تلفت وهي مهدرة.
وَيَجِبُ قِصَاصُ الْجُرح، أي كالموضحة وقطع اليد، فِي الأظْهرِ؛ لأن القِصَاص في الطرف منفرد عن القِصَاص في النفس، ويستقر فلا يتغير بما يحدث بعده، ألا ترى أنه لو قطع طرفه وجاء آخر وحزَّ رقبته يجب على الأول قصاص الطرف، وإن لم يجب عليهما قصاص النفس، والثاني: لا يجب؛ لأن الطرف تبع للنفس إذا صارت الجناية قتلا، فإذا لم يجب قصاص النفس لا يجب قصاص الطرف، وكذلك لو قطع طرف إنسان فمات منه، فعفى وليه عن القِصَاص، لم يكن له أن يقتص في الطرف، يَسْتَوْفِيْهِ قَرِيبهُ المُسْلِمُ، أي الذي كان يرثه لولا الردة؛ لأن القِصَاص للتشفي، وذلك يتعلق بالقريب دون الإمام، فإن كان ناقصًا انتظر كمالَه ليستوفي، وَقِيلَ: الإمَامُ؛ لأنه لا وارث لِلْمُرتَدِّ فيستوفيه الإمام كغيره، وادعى ابن كج أن الأكثرين عليه، وأن الاصطخري انفرد بالأول، فَإنِ اقتَضَى الجُرحُ مَالًا، إي لا قصاصًا كالجائفة والهاشمة، وَجَبَ أَقَل الأمرَينِ: مِنْ أرشِهِ وَدِيَّة، أي من الأرش الذي تقتضيه الجراحة ودية النفس، فإن كان الأرش أقل كالجائفة، وقطع اليد الواحدة لم يزد بالسراية في الردة شيء، وإن كانت دية النفس أقل كما إذا قطع يديه ورجليه فارتد ومات؟ فلو مات بالسراية مسلمًا لم يجب أكثر منها، فإذا مات

الصفحة 1520