كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)

تيسر استيفاء المثل، ولا يعتبر القِصَاص بالأرش. ألا ترى أن الأصبع الزائدة يقتص بمثلها وليس لها أرش مقدر، وكذلك الساعد بالكف، وعلى عكسه الجائفة لها أرش مقدر ولا قصاص فيها.
وأما في الثانية: وهي ما إذا قطع بعض الأذن؛ أو بعض المارن، وهي: ما لَانَ من الأنف، ولم يُبْنِه فقال الرافعي: فيه اختلاف قول مرتب على الخلاف في الباضعة والمتلاحمة، والظاهر الوجوب لإحاطة الهواء بهما؛ وإمكان الإطلاع عليهما من الجانبين، ويقدر المقطوع بالجزئية كالثلث والنصف ويستوفى من الجاني مثله، فلا نظر إلى مساحة المقطوع؛ وقد تختلف الآذان كبرًا وصغرًا.
فَصل: ويجِبُ، أي القِصَاص، فِي القَطْع مِنْ مَفصِلٍ؛ لإنضباطه، حَتى فِي أَصلِ فَخْذٍ وَمَنكب إِن أَمكَن بِلَا إِجَافَةٍ، وَإلا، أي وإن لم يمكن إلّا بإجافة، فَلَا عَلَى الصحِيْح؛ لأن الجوائف لا تنضبطْ ضيقًا؛ وسعة؛ وتأثيرًا؛ ونكاية؛ ولذلك لم يجز القِصَاص فيها، والثاني: أنه يقتضي إذا كان الجاني أجاف، وقال أهل النظر: يمكن أن تقطع ويجاف مثل الجائفة، ووجهه أن الجائفة هاهنا تابعة غير مقصودة، وهذا هو المقابل للوجه الصحيح لا أنه يقتص مطلقًا.
ويجِبُ، أي القِصَاص، فِي فَقْءِ عَيْن، وَقَطْع أذن، وَجَفْن، وَمَارن، وَشَفَةٍ، وَلسان، وَذَكَر، وَأنثَيَينِ؛ لأن لها نهايات مضبوطة وإن لم يكن مفصل، وَكَذَا إِليَانِ، وَشُفْرَانِ فِي الأصَحِّ؛ لأن لها نهاية تنتهي إليها، والثاني: لا؛ لأنه لا يمكن الاستيفاء إلّا بقطع غيره.
وَلَا قِصَاصَ فِي كَسرِ العِظَامِ، وَنَحوِها؛ لعدم الوثوق بالمماثلة، وَلَهُ قَطْعُ أقْرَبِ مَفْصَلٍ إِلَى مَوْضِع الكَسرِ، وَحُكُومَةُ البَاقِي؛ لتعذر القِصَاص لما أسلفناه، فإذا قطع يده من الذراع مثلا فيقتص من الكوع ويأخذ أرش ما زاد ولا يخفى أن له العفو والعدول إلى المال.
فَصل: وَلَوْ أَوضَحَهُ وَهشَمَ، أَوْضَحَ؛ لإمكان القِصَاص في الموضحة، وأشبه

الصفحة 1525