كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)

فَائِدَةٌ: الشَّلَّاءُ بالمد هي التي بَطَلَ بَطْشُهَا.
فلَوْ فَعَلَ، أي خالف وقطع الصحيحة، لَمْ يَقَعْ قِصَاصًا بَلْ عَلَيْهِ دِيَّتُهَا، فَلَوْ سَرَى فَعَلَيْهِ قِصَاصُ النَّفْسِ، هذا إذا قطع بغير رضى الجاني عوضًا، فإن قطع برضاه؟ فلا قصاص عند السراية! لأنه قطع بالإذن، ثم ننظر: فإن قال الجاني (•): اقطع يدي وأطلَقَ، جعل المجني عليه مستوفيًا لِحَقِّهِ ولم يلزمه شيء، وإن قال: اقطعها عوضًا عن يدك أو قصاصًا، فوجهان؛ أحدهما: وبه أجاب البغوي؛ أن على المجني عليه نصف الدية وعلى الجاني حكومة؛ لأنه لم يبذلها مجانًا، والثاني: لا شيء على المجني عليه، وكأنَّ الجاني أدَّى الجيِّدَ عن الرَّدي وقبضَ المستحقَّ.
وَتُقْطَعُ الشَّلَّاءُ بِالصَّحِيْحَةِ؛ لأنها دون حقِّه، إِلَّا أَن يَقُولَ أهْلُ الْخِبْرَةِ: لَا يَنْقَطِعُ الدَّمُ، أي بل تَنْفَتِحُ أفواه العروق، ولا تنسد بالجسم، لما فيه من استيفاء النفس بالطرف. وللمجني عليه دية يده؛ فإن قال أهل الخبرة: تنقطع، فله قطعها قصاصًا؛ كقتل الذمي بالمسلم والعبد بالحر، وَيَقْنَعُ بِهَا مُسْتَوْفِيْهَا، أي ولا يطلب مع ذلك أرش الشلل، ووجه ذلك بأن الصحيحة والشَّلَّاءَ متساويتان في الجرم، والإختلاف بينهما في الصفة، والصفة المجردة لا تقابل بالمال، ولذلك إذا قُتِلَ الذمِّيُّ بالمسلمِ والعَبْدُ بِالْحُرِّ، لم يجب لفضيلة الإسلام والحرية شيءٌ.
فَرْعٌ: تقطع الشلاء بالشلاء في الأصح إن استويا في الشلل، أو كان شلل يد القاطع أكثر، والشرط أن لا يخاف نزف الدم كما سلف.
وَيُقْطَعُ سَلِيْمٌ بِأَعْسَمَ وَأَعْرَجَ؛ لأنه لا خلل في اليد والرجل، والأعسم بالعين والسين المهملتين وهو من يبس مفصل الرسغ حتَّى يعوَّج الكف أو القدم قاله الجوهري، وَلَا أثَرَ لِخُضْرَةٍ أظْفَارٍ وَسَوَادِهَا، أي وزوال نضارتها فإن هذه الأحوال علة ومرض في الظفر، وَالصَّحِيْحُ قَطْعُ ذَاهِبَةِ الأظْفَارِ بِسَلِيمَتِهَا دُونَ عَكْسِهِ، اعْلَمْ:
¬__________
(•) في النسخة (1) العبارة كما يأتي: فإن أذن في قطعها فسرى إلى النفس، فلا قصاص في النفس؛ لأنه قطع بالإذن، فالإثم ينظر؛ فإن قال الجاني.

الصفحة 1530