كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)

أن مقتضى كلام المصنف هذا على أنَّه وجهٌ لا تقطع ذاهبة الأظفار بسليمتها، وليس ذلك في الرافعي، ولا في الروضة، وليس في عكسه أيضًا وجه منقول، بل فيه احتمال للإمام: أنَّه تقطع السليمة بذاهبة الأظفار؛ وهذا لفظ الرافعي، وأما التي لا أَظْفَارَ لها؟ فالذي ذكره أصحابنا العراقيون وغيرهم: أنَّه لا يقطع بها سليمة الأظفار، وأنها تقطع بالسليمة، وكذا حكاه الإمام عنهم ونسبه إلى النصِّ، لكن عن الشيخ أبي حامد وغيره: أنه يكمل فيها الدية، فقال الإمام: على سبيل الاحتمال؛ القياس جريان القِصَاص وإن عدمت الأظفار لأنها زوائد، ولو لم يجز القِصَاص لما تمت دية اليد، ولا الأصبع الساقطة الظُّفر، ووفَّى البغوي بقياس المنقول؛ فقال: ينقص عن الدية شيء، وجرى الغزالي على ما أبداه الإمام احتمالًا وترك المنقول الظاهر، انتهى. وتبعه على ذلك في الروضة، وعبر في الْمُحَرَّرِ بالظاهر ومراده من الخلاف كيف كان، وَالذِّكَرُ صِحَّةَ وَشَلَلًا كَالْيَدِ، أي الصحيحة مع الشلاء؛ فحكم قطع الذكر الصحيح بالأشل وبالعكس، والأشل بالأشل ما تقدم واضحًا في اليد، وَالأَشَلُّ، أي الذكر الأشل: مُنقَبِضٌ لَا يَنْبَسِطُ أَوْ عَكْسُهُ، أيْ هذه عبارة الجمهور، وقيل: هو الَّذي لا يتقلص في البرد ولا يسترسل في الحر وهو بمعنى الأول، وَلَا أَثرَ لِلإنْتِشارِ وَعَدَمِهِ؛ فَيُقْطَعُ فَحلٌ بِخِصِيٍّ وَعِنِّيْنٍ؛ لأنه لا خلل في نفس العضو، وتعذر الانتشار لضعفٍ في القَلْبِ والدِماغ، لذا قال الرافعي في القلب ولعله في الصلب كما قاله أبو الطيب.
فَائِدَةٌ: الخصيِّ من قطعت أنثياه مع جلدلتهما، وقيل: من سُلَّتْ أُنْثَيَاهُ.
وَأَنْفٌ صَحِيْحٌ بِأخْشَمَ؛ لأن الشم ليس في جرم الأنف، وَالأَخْشَمُ: هو الَّذي لا يشم، وَأُذُنُ سَمِيْعٍ بِأصَمِّ، أي وكذا بالعكس؛ لأن السمع ليس في جرم الأذن، وإنما هي آلة السمع، لَا عَيْنٌ صَحِيْحَةٌ بَحَدَقَةٍ عَمْيَاءَ؛ لأنها أكثر من حقه، وفي العكس تؤخذ إن رضي المجني عليه؛ لأنه دون حقه، وَلَا لِسَانُ نَاطِقٍ بِأَخْرَسَ؛ لأن النطق في جرم اللسان؛ ويجوز العكس برضى المجني عليه.

الصفحة 1531