كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)

فَصْلٌ: وَفِي قَلْعِ السِّنِّ قِصَاصٌ؛ للآية (¬162)، لَا فِي كَسْرِهَا؛ لأن كسر العظام لا يمكن المماثلة فيها، وفي المهذب والحاوي: أن يقتص إن أمكن أن يكسر من الجاني مثله، وهو المنقول عن نصه فِي الأُم، وصور ابن يونس الإمكان بأن يكسر نصفه طولًا.
وَلَوْ قَلَعَ سِنَّ صَغِيْرٍ لَم يُثْغَرْ فَلَا ضَمَانَ فِي الْحَالِ، أي ولا دية؛ لأنها تعود غالبًا فلم يتحقق إتلافها، وقوله (يُثْغَرْ) هو بضَمُّ أوَّلِهِ وإسكان ثانيه ثم غين معجمة وثاؤه مثلثه ويقال مثناة ومعناه لم تسقط أسنانه التي هي رواضعه، فَإِنْ جَاءَ وَقْتُ نَبَاتِهَا بِأنْ سَقَطَتِ الْبَوَاقِي وَعُدْنَ دُوْنَهَا، وَقَالَ أهلُ الْبَصَرِ: فَسَدَ الْمُنْبَتُ، وَجَبَ الْقِصَاصُ؛ لأنه قد قلع السن الحاصلة فِي الحال وأفسد المنبت فيقابل بمثله، أما إذا قال أهل البصر: يتوقع نباتها إلى وقت كذا توقعناه، فإن مضت؛ ولم ينبت؛ وجب القِصَاص، وَلَا يُسْتَوْفَى لَهُ فِي صِغَرِهِ، أي بل يؤخر إلى البلوغ فيستوفى، فإن مات الصبي قبل البلوغ اقتص وارثه فِي الحال أو أخذ الأرش، وإن مات قبل حصول اليأس وقبل تبين الحال فلا قصاص، وفي الإرث وجهان.
وَلَوْ قَلَعَ سِنَّ مَثْغُورٍ فَنَبَتَتْ؛ لَمْ يَسْقُطِ القِصَاصُ فِي الأَظْهَرِ؛ لأن العادة عدم العود فهذه نعمة جديدة، والثاني: يسقط؛ كالصغير إذا عاد سنه، وَلَوْ نَقَصَتْ يَدُهُ أُصْبُعًا فَقَطَعَ كَامِلَةً، قُطِعَ؛ وَعَلَيْهِ أَرْشُ أُصْبُعٍ؛ لأنه قد قطع منه أصبعًا لم يستوف قصاصها، وله أن يأخذ دية اليد ولا يقطع.
وَلَوْ قَطَعَ كَامِلٌ نَاقِصَةً؛ فَإِنْ شَاءَ الْمَقْطُوعُ أَخَذَ دِيَّةَ أصَابِعِهِ الأرْبَعِ؛ وَإِنْ شَاءَ لَقَطَهَا، وليس للمجني عليه قطع اليد الكاملة لما فيه من استيفاء الزيادة، وَالأَصَحُّ: أَنَّ حُكُومَةَ مَنَابِتِهِنَّ تَجِبُ إِنْ لَقَطَ؛ لأن الحكومة من جنس الدية فلا يبعد دخولها
¬__________
(¬162) قال تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة / 45].

الصفحة 1532