كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)

الأصل استمرار السلامة التي كانت، ووجه مقابله: أن الأصل البراءة عن القِصَاص. وإن كان العضو باطنًا كالذكر والأنثيين فقولان؛ سواء أنكر الجاني أصل السلامة أو سلمه وادعى زوالها، أصحُّهُما: تصديق المجني عليه؛ لأن الأعضاء الباطنة لا يطلع عليها، فتعسر إقامة البينة على سلامتها، هذا أظهر الطرق فِي المسألة ووراءه طرق موضحة فِي الأصل، والمراد بالعضو الباطن: ما يعتاد ستره مروءة، وقيل: ما يجب؛ وهو العورة، والظاهر ما سواه.
فَرْعٌ: إذا صدقنا الجاني، احتاج المجني عليه إلى بينة بالسلامة، ثم الأصح: أنَّه يكفي قول الشهود: كان صحيحًا، ولا يشترط تعرضهم لوقت الجناية.
أَوْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَمَاتَ وَزَعَمَ، أي الجاني أنَّه مات، سِرَايَةً، أي فالواجب الدية، وَالْوَلِيُّ انْدِمَالًا مُمْكِنًا أَوْ سَبَبًا، أي فالواجب ديتان، فَالأَصَحُّ تَصْدِيقُ الْوَلِيِّ، أي بيمينه، وهذا ما قطع به الأكثرون، وعبارة الوجيز: هو خارج على تقابل الأصلين؛ إذ الأصل براءة الذمة من جانب، وعدم التداخل من جانب، والثاني: إن مضت مدة طويلة لا يمكن أن تبقى الجراحة فيها غير مندملة صُدِّقَ الوليُّ بلا يمين، وإلا فيمين، والثالث: إن كان احتمال الاندمال مع إمكانه بعيدًا صدق الجاني بيمينه، وإلا فالولي. وادعى الإمام: اتفاق الأصحاب عليه وليس كما ادعى. واحترز بقوله (انْدِمَالًا مُمْكِنًا) عما إذا لم يمكن الاندمال فِي تلك المدة؛ لقصرها كيوم ويومين، فإن القول قول الجاني بلا يمين، وقيل: بيمين وهو ضعيف، وقوله (أوْ سَبَبًا) أي قال الجاني: مات بالسراية، وقال الولي: بل مات بسبب آخر؛ بأن قال: قتله آخر، ووجه تصديق الجاني احتمال ما يقوله، وأن الأصل براءة الذمة، والوجه الأصح: أن الأصل بقاء الديتين الواجبتين بالجنايتين، والأصل عدم السبب الآخر، وهذه الحالة فيها وجهان فقط، والأُولى: ثلاثة أوجه كما ذكرتها أولًا، وَكَذَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُ وَزَعَمَ سَبَبًا وَالْوَلِيُّ سِرَايَةً، أي مات به من قَتْلٍ أَو شُرْبِ سَمٍّ مُوْجٍ فلا يلزمه إلا نصف الدية، وقال الوليُّ: بل مات بالسراية، فإن الأصح أن المُصدِّق الولي؛ لأن الأصل أنَّه لم يوجد سبب آخر، ووجه مقابله: أن الأصل براءة الذمة.

الصفحة 1534