كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)

وَلَوْ أَوْضَحَ مُوَضِّحَتَيْنِ وَرَفَعَ الْحَاجِزَ، أي بينهما، وَزَعَمَهُ قَبْلَ انْدِمَالِهِ، أي فليس عليه إلا أرش واحدٌ، وقال المجني عليه: بل بعده فعليك أرش ثلاث موضحات، صُدِّقَ، أي الجاني، إِنْ أَمْكَنَ، بأن قصر الزمان، وَإِلَّا حُلِّفَ الْجَرِيْحُ وَثَبَتَ أرْشَانِ، قِيْلَ: وَثَالِثٌ، أي وإن لم يمكن بأن طال الزمان صُدِّق المجني عليه، فإذا حلف؛ ثبت أرشان، وقيل: هل يثبت ثالث؟ فيه وجهان؛ أحدهما: نعم، لأنه ثبت رفع الحاجز باعترافه، وثبت الاندمال بيمين المجني عليه فقد حصلت موضحة ثالثة؛ وأصحهما: لا، ويصدق فيه الجاني؛ لأنه يقول: رفعت الحاجز حتَّى لا يلزمني أرش؛ بل يعود الأوليان إلى واحد، فإن لم يُقبل قوله في الاتحاد؛ فوجب أن لا يقبل فِي الثالث الذي لم يثبت موجبه.
فَصْلٌ: الصَّحِيْحُ ثُبُوتُهُ، يعني القِصَاص، لِكُلِّ وَارِثٍ، أي على فرائض الله تعالى كالدية، والثاني: تستحقه العصبة خاصة؛ لأن القِصَاص لدفع العار، فاختص بهم كولاية النِّكَاح. والثالث: يستحقه الوارثون بالنسب دون السبب لانقطاعه بالموت فلا حاجة إلى التَّشفي، وَيُنْتَظَرُ غَائِبُهُمْ، إلى أن يحضر أو يراجع، وَكَمَالُ صَبِيِّهِمْ وَمَجْنُونِهِمْ؛ لأن القِصَاص للتشفي، فحقه التفويض إلى خيرة المستحق، ولا يحصل ذلك باستيفاء الولي، وَيُحْبَسُ الْقَاتِلُ، أي فِي الحال المذكور، وَلَا يُخَّلَّى بِكَفِيْلٍ؛ لأنه قد يهرب فيفوت الحق، ويحبسه الحاكم دون الولي، ولا يتوقف على طلب الولي، قاله الماوردي، وَلْيَتَّفِقُواْ عَلَى مُسْتَوْفٍ، أي إذا كان القِصَاص بحضور كاملين؛ لأن فِي اجتماعهم على قتله تعذيبًا له، وَإِلَّا فَقُرْعَةٌ، أي فإن لم يتفقوا على مستوفٍ، فَيُقْرَعُ بينهم؛ لعدم المزية؛ فَمَن خرجت قرعته تولاه بإذن الباقين، يَدْخُلُهَا الْعاجِزُ، أي كالشيخ والمرأة؛ لأنه صاحب حق، وَيَسْتَنِيْبُ، أي من يصلح للاستيفاء، وَقِيْلَ: لَا يَدْخُلُ؛ لأنه ليس أهلًا للاستيفاء. والقرعة إنما تجيء بين المستويين فِي الأهلية، وهذا هو الأصح عند الأكثرين؛ كما ذكره فِي أصل الروضة، وهو وافٍ بما فِي الرافعي؛ فإنه نقله عن تصحيح جماعة، ونقل الأول عن تصحيح البغوي وحده وهو غريب من تصحيح الرافعي له فِي الْمُحَرَّرِ. وقد صحح فِي الشرح الصغير الثاني كما

الصفحة 1535