كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)

الخلع، والثاني: لا؛ لأن الدية هي التي تخلف القِصَاص عند سقوطه فلا يزاد عليها.
فَصْلٌ: وَلَوْ قَالَ رَشِيْدٌ: اقْطَعنِي، فَفَعَلَ، فَهَدَرٌ، أي لا قصاص ولا دية، كما لو أذن في إتلاف ماله، فإنه لا ضمان بإتلافه، فَإن سَرَى، أي القطع، أوْ قَالَ: اقتُلْنِي، فَهَدَر. وَفِي قَولٍ: تجِبُ دِيَّة، هذا الخلاف مبني على أن الدية هل تجب للورثة ابتداء عقب هلاك المقتول أم تجب للمقتول في آخر جزء من حياته؛ ثم تنتقل إليهم؟ إن قلنا بالأول وجبت، ولم يؤثر إذنه وإلّا فلا، وهذا الثاني: أظهر، أعني الانتقال إليهم؛ لأنه تنفذ منها ديونه ووصاياه، ولو كانت للورثة لم يكن لذلك، وهذا كله فِي الدية، أما القِصَاص ففيه طريقان أشهرهما القطع بنفيه، كما جزم به المصنف، وجعل الإذن شبهة دارئة، والثاني: طرد الخلاف فيه، ووجه الوجوب بأن القِصَاص ثبت للورثة ابتداءً.
فَرْعٌ: إذا قلنا: لا دية فالكفارة واجبة على الأصح، ولا تؤثر فيها الإباحة.
وَلَو قُطعَ، عضو إنسان كأصبعه أو يده، فَعَفَى عَن قَوَدِهِ، وَأرشِهِ، فَإن لَم يَسْرِ فَلَا شَيْءَ، أي من قصاص أو ديَّة؛ لأن المستحق أسقط الحق بعد ثبوته فيسقط، وإن سَرَى، أي إلى النفس، فَلَا قِصَاصَ، أي كما لا قصاص في الطرف؛ لأن السراية تولدت من معفوٍ عنه، فصارت شبهة دارئة (•)، وَأما أرْشُ العُضوِ فَإن جَرى لَفْظُ وَصِيًةِ كـ (أَوْصَيْتُ لَهُ بِأرش هَذِهِ الْجِنايَةِ) فَوَصِية لِقاتِل، أي وقد سبق الخلاف فيها في كتاب الوصية، فإن أبطلناها لزمه أرش اليد، وإن صححناها سقط الأرش إن خرج من الثلث وإلّا سقط منه قدر الثلث، أَو لَفظُ إِبرَاءٍ، أي وإن جرى لفظ إبراء أوْ إِسقَاط، أَوْ عَفْوٌ، أي بأن قال: أبرَأتُهُ عن أرش هذه الجناية، أو أسقطته، أو عفوت عنه، سَقَطَ، أي قطعًا؛ لأنه إسقاط حق ناجز، والوصية هي التي تتعلق بحال الموت، وَقِيلَ: وَصِيَّة، بدليل الاعتبار من الثلث فيعود الخلاف في الوصية للقاتل، والطريقة الأولى هي الصحيحة، وهي القطع بعدم مجيء الخلاف، وَتجِبُ
¬__________
(•) في النسخة (1): دامغة.

الصفحة 1545