كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)

ففي الاكتفاء به للصحة وجهان: أَقْرَبُهُمَا إلى كلام الأصحاب: المنع؛ وأنه لا يقام للاحتمال النادر وَزْنٌ.
وَالْعِلْمُ بِالْمَالِ الْمَشرُوطِ، أي بالمشاهدة إن كان معينًا، وبالوصف إن كان من الذمة كالاجارة والجعالة، فلو عقدا على مجهولٍ أو خنزير فَسَدَ! واستحق أجرة المثل على الأصح.
فَرْعٌ: من شروط المسابقة ما استدركه الرافعي على الوجيز وأهمل التصريح به في المحرر؛ وهو أن يستبقا على الدابتين فلو شرطا إرسالهما ليجريا بأنفسهما فالعقد باطلٌ؛ لأنها تَنفرُ ولا تقصد الغاية بخلاف الطيور إذا جوزنا المسابقة عليها؛ لأن لها هداية إلى الغاية، وأن تكون المسافة بحيث يمكن للفرسين قطعهما ولا ينقطعان، فإن كانت بحيث لا يصلان غايتها إلاّ بانقطاع وتعب فالعقد باطل.
فَصْلٌ: وَيَجُوزُ شَرْطُ الْمَالِ مِنْ غَيْرِهِمَا بِأَنْ يَقُولَ الإِمَامُ أَوْ أَحَدُ الرَّعِيَّةِ: مَنْ سَبَقَ مِنْكُمَا فَلَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَذَا أَوْ عَلَيَّ كَذَا، لما فيه من التحريض على تعلم الفروسية وإعداد أسباب القتال ولأنه بذل مالٍ في طاعة، وَمِنْ أَحَدِهِمَا، أي ويجوز شرط المال من أحدهما، فَيَقُولُ: إِنْ سَبَقْتَنِي فَلَكَ عَلَيَّ كَذَا. أَوْ سَبَقْتُكَ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْكَ، لأن المقصود من العقد يحصل مع خُلُوِّهِ من القمار؛ فإنَّ الْمُخَرَّجَ حريص على أن يسبق كي لا يغرم، والآخر حريص عليه ليأخذه، فَإِنْ شَرَطَ أَنَّ مَنْ سَبَقَ مِنْهُمَا فَلَهُ عَلَى الآخَرِ كَذَا لَمْ يَصِحَّ، لقوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: [مَن أدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَهُوَ لاَ يُؤْمَنُ أنْ يَسْبِقَ فَلَيْسَ بِقِمَارٍ وَإِنْ أمِنَ أنْ يَسْبِقَ فَهُوَ قِمَارٌ] قال الحاكم: صحيحُ الإسناد (¬468)، فإذا كان قمارًا عند الأمن مِن سبق فرس الْمُحَلِّلِ،
¬__________
(¬468) • رواه الحاكم في المستدرك: كتاب الجهاد: الحديث (2536/ 161)، وقال: تابعه سعيد بن بشر الدمشقي عن الزهري واقام إسناده. ووافقه الذهبي في التلخيص؛ وقال: صحيح.
• رواه أبو داود في السنن: كتاب الجهاد: باب في المحلل: الحديث (2579). وابن ماجه في السنن: كتاب الجهاد: باب السبق والرهان: الحديث (2876).

الصفحة 1764