كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)

كِتَابُ الأَيْمَانِ
الأَيْمَانُ: هُوَ جَمْعُ يَمِيْنٍ، سُمَّيَتْ بِذَلِكَ؛ لأَنَّهُمْ كَانُواْ عِنْدَ الْحَلْفِ يَتَقَابَضُونَ بِأَيْمَانِهِمْ؛ وَهِيَ فِي الشَّرْعِ مَا سَيَأْتِي. وَالأَصْلُ فِيهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ ... } الآية (¬469)، وَالأَحَادِيْثُ الشَّهِيرَةُ، وَإِجْمَاعُ الأُمَّةِ عَلَى انْعِقَادِ الْيَمِيْنِ، وَتَعَلُّقُ الْكَفَّارَةِ بِالْحِنْثِ فِيْهَا.
لاَ تَنْعَقِدُ، يعني اليمين، إِلَّا بِذَاتِ اللهِ تَعَالَى أَوْ صِفَةٍ لَهُ كقَوْلِهِ: وَاللهِ، وَرَبَّ الْعَالَمِيْنَ، وَالْحَيِّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ، وَمَنْ نَفْسِي بِيَدِهِ، وَكُلُّ اسْمٍ مُخْتَصًّ بِهِ سُبْحَانَهُ وَتعَالَى، أي كالإله ومالك يوم الدين؛ لأن الأيمان معقودة (•) بِمَنْ عَظُمت حُرمَتُهُ وَلَزِمَتْ طَاعَتُهُ، وإطلاق هذا مختصٌّ بالله تعالى، والمراد بالذات في كلام المصنف الحقيقة، والعالَم بفتح اللام كُلُّ المخلوقاتِ.
وَلاَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ: لَمْ أُرِدْ بِهِ الْيَمِيْنَ، لأن هذه الألفاظ لا تحتمل غير اليمين، وَمَا انْصَرَفَ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ عِنْدَ الإِطْلاَقِ كَالرَّحِيْمِ، وَالْخَالِقِ، وَالرَّازِقِ، وَالرَّبَّ تنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِيْنُ، أي سواءٌ أراد الله تعالى أو أطلق، لأن الإطلاق ينصرف إليه، إِلا أن يُرِيْدَ غَيْرهُ، لأنه قد يستعملُ في حقِّ غيره كرحيم القلب وربَّ الدار وخالقِ الكذبِ
¬__________
(¬469) البقرة / 224: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
(•) في النسخة (1): نبه الناسخ إلى أنها في النسخة أخرى: منوطة.

الصفحة 1769